للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففيه مطابقة الحديث لجزأي التَّرجمة كليهما، ولأبي ذَرٍّ: «لابن صايد» بتقديم الألف على التَّحتيَّة، وكلاهما كان يُدعى به (فَنَظَرَ إِلَيْهِ) (ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ) مشركي العرب، وكانوا لا يكتبون، أو نسبةً (١) إلى أمِّ القرى، وفيه إشعارٌ بأنَّ اليهود الَّذين كان منهم ابن صياد كانوا معترفين ببعثة رسول الله (٢)، لكن يدَّعون أنَّها مخصوصةٌ بالعرب، وفساد حجَّتهم واضحٌ؛ لأنَّهم إذا أقرُّوا برسالته استحال كذبه، فوجب تصديقه في دعواه الرِّسالة إلى كافَّة النَّاس (فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ : أَتَشْهَدُ) بإثبات همزة الاستفهام (أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَرَفَضَهُ) النَّبيُّ ، بالضَّاد المعجمة، أي: ترك سؤاله أن يسلم ليأسه منه، وفي رواية أبي ذرٍّ عن المُستملي: «فرفصه» بالصَّاد المهملة، وقال المازريُّ: لعلَّه «رفسه»، بالسِّين المهملة، أي: ضربه برجله، لكن قال القاضي عياضٌ: لم أجد هذه اللَّفظة بالصَّاد في جماهير اللُّغة، وقال الخطَّابيُّ: فرصَّهُ، بحذف الفاء بعد الرَّاء وتشديد الصَّاد المهملة، أي: ضغطه (٣) حتَّى ضمَّ بعضه إلى بعضٍ، ومنه: ﴿بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] وللأَصيليِّ ممَّا (٤) في «الفتح»: «فرقصه» بالقاف بدل الفاء، ولعُبدُوس «فوقصه» بالواو والقاف (وَقَالَ) : (آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ) قال البرماويُّ كالكِرمانيِّ: مناسبة هذا الجواب لقول ابن صيَّادٍ: «أتشهد (٥) أنِّي رسول الله؟» أنَّه لمَّا أراد أن يظهر للقوم كذبه في دعواه الرِّسالة،؛ أخرج الكلام مخرج الإنصاف، أي: آمنت برسل الله، فإن كنت رسولًا صادقًا غير ملبَّسٍ عليك الأمر؛ آمنت بك، وإن كنت كاذبًا، وخُلِّط عليك الأمر فلا، لكنَّك خُلِّط عليك الأمر فاخسأ، ثمَّ شرع يسأله عما يرى (فَقَالَ لَهُ: مَاذَا تَرَى؟) وأراد باستنطاقه إظهار كذبه المنافي لدعواه الرِّسالة (قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ) أي: أرى الرُّؤيا


(١) في (ص) و (م): «نَسَبه».
(٢) في (د): «ببعثته ».
(٣) في (س) و (م): «ضغثه»، وفي (د): «أضغطه»، وهو تحريفٌ.
(٤) في (د): «كما».
(٥) في غير (ب) و (س): «اشهد».

<<  <  ج: ص:  >  >>