للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ) نعتمد (عَلَى كِتَابِنَا) أي: ما كُتِبَ علينا وقُدِّر، والفاء في «أفلا» معقِّبةٌ لشيءٍ محذوفٍ، أي: فإذا (١) كان كذلك ألا (٢) نتَّكل على كتابنا (وَنَدَعُ العَمَلَ؟) أي: نتركه (فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ) فسيجرُّ به (٣) القضاء (إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ) قهرًا، ويكون مآل حاله ذلك بدون اختياره (وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ) فسيجرُّ به القضاء (إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ) قهرًا (قَالَ) : (أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ) أهل (السَّعَادَةِ) وفي نسخةٍ: «فسييسَّرون» (٤) جُمِعَ الضَّمير في «فييسَّرون» (٥) باعتبار معنى الأهل (وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ) أهل (الشَّقَاوَةِ) وحاصل السُّؤال: ألا نترك مشقَّة (٦) العمل، فإنَّا سنصير إلى ما قُدِّر علينا، فلا فائدة في السَّعي؛ فإنَّه لا يردُّ قضاء الله وقدره، وحاصل الجواب: لا مشقَّة؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ ميسَّرٌ لما خُلِقَ له، وهو يسيرٌ على من يسَّره الله عليه، قال في «شرح المشكاة»: الجواب من الأسلوب الحكيم منعهم عن الاتِّكال وترك العمل، وأمرَهُم بالتزام ما يجب على العبد من العبوديَّة، يعني: أنتم عبيدٌ، ولا بدَّ لكم من العبوديَّة، فعليكم بما أمرتكم، وإيَّاكم والتَّصرُّف في أمور الرُّبوبيَّة؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] فلا تجعلوا العبادة وتركها سببًا مستقلًّا لدخول الجنَّة والنَّار، بل هي علاماتٌ فقط. انتهى. (ثُمَّ قَرَأَ) : (﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ الاية [الليل: ٥]) وزاد أبوا ذرٍّ والوقت: «﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾» [الليل: ٦] وساق في رواية سفيان [خ¦٤٩٤٥] إلى قوله: ﴿لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: ١٠] فقوله: ﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى﴾ أي (٧): أعطى الطَّاعة، واتَّقى المعصية، وصدَّق بالكلمة الحسنى، وهي التي (٨) دلَّت على حقٍّ؛ ككلمة التَّوحيد، وقوله: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ [الليل: ٧] فسنهيِّئه (٩) للخلَّة التي تؤدِّي إلى يسرٍ وراحةٍ


(١) في (م): «إذا»، وفي (ب) و (س) و (ص): «أفإذا».
(٢) في (ب) و (س): «لا».
(٣) في (ب) و (س): «فسيجرُّه»، وفي (د): «فيستجيرُّ به»، وكذا في الموضع اللَّاحق.
(٤) «وفي نسخة: فسييسرون»: مثبتٌ من (ب) و (س)، وزيد في (ب): «في الموضعين».
(٥) «جمع الضمير في فييسرون»: سقط من (س).
(٦) زيد في (د): «مِن».
(٧) زيد (ص) و (م): «من».
(٨) في (ص) و (م): «ما».
(٩) في (د): «فنيسره».

<<  <  ج: ص:  >  >>