للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لاختصاصه بالباري تعالى كاسم الله، وقُرِنَ (١) بينهما للمناسبة.

ولم يأتِ المصنِّف رحمه الله تعالى بخطبةٍ تنبئ عن مقاصد كتابه هذا، مبتدأةٍ بالحمد والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا رسول الله ، كما فعل غيره اقتداءً بالكتاب العزيز وعملًا بحديث (٢): «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدَأ (٣) فيه بالحمد لله فهو أقطع» المرويِّ في «سنن ابن ماجه» (٤) وغيرها؛ لأنَّه صدَّر كتابه بترجمة «بدء الوحي»، وبالحديث الدَّالِّ على مقصوده، المشتمل على أنَّ العمل دائرٌ مع النِّيَّة، فكأنَّه قال: قصدت جمع وحي السُّنَّة المُتلقَّى عن خير البريَّة على وجهٍ سيَظْهَر حُسن عملي فيه من قصدي، «وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»، فاكتفى بالتَّلويح عن التَّصريح.

وأمَّا الحديث فليس على شرطه، بل تُكلِّم فيه؛ لأنَّ في سنده قُرَّة بن عبد الرَّحيم، ولئن سلَّمنا الاحتجاج به؛ فلا يتعيَّن النُّطق والكتابة معًا، فيُحمَل على أنَّه فعل ذلك نطقًا عند تأليفه اكتفاءً بكتابة البسملة، وأيضًا فإنَّه ابتدأ ببسم الله، ثمَّ رتَّب عليه من أسماء الصِّفات «الرَّحمن الرَّحيم»، ولا يُعنى بالحمد إلَّا هذا؛ لأنَّه الوصف بالجميل على جهة التَّفضيل، وفي «جامع الخطيب» مرفوعًا: «كلُّ أمرٍ لا يُبدَأ فيه ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم فهو أقطع» (٥)، وفي رواية الإمام أحمد: «لا يُفتتَح بذكر الله (٦) فهو أبتر أو أقطع» (٧)، ولا ينافيه حديث: «بحمد الله»؛ لأنَّ معناه الافتتاح بما يدلُّ على المقصود من حمد الله تعالى والثَّناء عليه، لا أنَّ لفظ: «الحمد» متعيِّنٌ؛


(١) في (ص): «وفرق».
(٢) في (ص) و (م) و (ج): «اقتداءً بالكتاب العزيز وحديث».
(٣) في (م): «يبتدأ».
(٤) في (ص) و (ج): «أبي داود».
(٥) انظر «الأجوبة المرضية» (١/ ١٨٩).
(٦) في (ص): «ببسم الله».
(٧) إسناده ضعيف، انظر كلام المحقق مطولًا في المسند (٨٧١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>