للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من يأخذ ماله فيستحيل، وليس (١) المعنى إلَّا على الأوَّل، وأجاب البدر الدَّمامينيُّ بأنَّه لا استحالة أصلًا، فإنَّهم قالوا: المعنى أنَّه يقصد من يأخذ ماله فلا يجده، وإذا لم يجد الإنسان طلبته التي هو حريصٌ عليها، فلا شكَّ أنَّه يحزن ويقلق لفوات مقصوده، فعاد هذا إلى المعنى الأوَّل. انتهى.

ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «حتَّى يهمَّ ربَّ المال من يقبله» أي: المال صدقةً (وَحَتَّى يَعْرِضَهُ) بفتح أوَّله (فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ) بنصب «يقولَ» عطفًا على الفعل المنصوب قبله: (لَا أَرَبَ لِي) بفتحاتٍ، أي: لا حاجة لي لاستغنائي عنه، قال الزَّركشيُّ والكِرمانيُّ والبرماويُّ: كأنَّه سقط من الكتاب كلمة «فيه» أي بعد قوله: «لا أَرَبَ لي»، قال العينيُّ مشيرًا إلى الكِرمانيِّ: السَّقط كأنَّه كان في نسخته، وهو موجودٌ في النُّسخ. انتهى. والظَّاهر: أنَّ النُّسخ التي وقف عليها العينيُّ ليست معتمدةً، فقد راجعت أصولًا معتمدةً فلم أجدها، مع ما هو مفهوم كلام الحافظ ابن حجرٍ، أو منطوقه في شرحه لهذا الموضع، حيث قال قوله: «لا أرب لي» زاد في «الفتن» [خ¦٧١٢١] «به»، فلو كانت ثابتةً في الرِّواية هنا لما احتاج أن يقول: زاد في «الفتن»: «به»، بل قال البدر الدَّمامينيُّ: إنَّ رواة البخاريِّ متَّفقون على رواية هذا الحديث بدون هذه اللَّفظة، والمعنى عليها في كلام المتكلِّم يقول (٢): «لا أرب لي» بحذف الجارِّ والمجرور لقيام القرينة. انتهى.

وقول البرماويِّ كالكِرمانيِّ وغيرهما: وقد وُجِد ذلك في زمن الصَّحابة، كان تُعرَض عليهم الصَّدقة فيأبَون قبولها، يشيرون به إلى نحو حكيم بن حزامٍ إذ دعاه الصِّدِّيق ليعطيه عطاءً فأبى، وعرض عليه عمر بن الخطَّاب قَسْمه من الفيء فلم يقبله، رواه الشَّيخان [خ¦١٤٧٢] وغيرهما، ولكنَّ هذا إنَّما كان لزهدهم وإعراضهم عن الدُّنيا مع قلَّة المال وكثرة الاحتياج، ولم يكن لفيض المال، وحينئذٍ فلا يُستشهَد به في هذا المقام.


(١) «وليس»: ليس في (م).
(٢) في (م): «بقوله».

<<  <  ج: ص:  >  >>