إنَّما يكون بعد الاستقرار فيها وهذا عامٌّ، والحديث يدلُّ على امتياز هؤلاء على غيرهم، وذلك لا يكون في غير القيامة حين تدنو الشَّمس في ذلك اليوم من الخلق ويأخذهم العرق، ولا ظل فيه ثَمَّ إلَّا للعرش، وهذه السَّبعة أوَّلهُم:(إِمَامٌ عَدْلٌ) بسكون الدَّال، يُقال: رجلٌ عَدْلٌ ورجالٌ عَدْلٌ وامرأةٌ عَدْلٌ، وهو الذي يضع الشَّيء في محلِّه، أو الجامع للكمالات الثَّلاث: الحكمة والشَّجاعة والعفَّة التي هي أوساط القُوى الثَّلاثة: العقليَّة والغضبيَّة والشَّهوانيَّة، أو هو المطيع لأحكام الله، والمراد به: كلُّ من له نظرٌ في شيءٍ من أمور المسلمين من الولاة والحكَّام، ولابن عساكر:«إمامٌ عادلٌ» اسم فاعلٍ، من: عدل يعدل، فهو عادلٌ (وَ) الثَّاني: (شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ) لأنَّ عبادته أشقُّ لغلبة شهوته، وكثرة الدَّواعي له على طاعة الهوى، وزاد حماد بن زيدٍ عن عُبيد الله بن عمر فيما أخرجه الجوزقيُّ:«حتَّى تُوفِّي على ذلك»، وفي حديث سلمان:«أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله»(وَ) الثَّالث: (رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ) أي: بها من شدَّة حبِّه لها وإن كان خارجًا عنها، وهو كنايةٌ عن انتظاره أوقات الصَّلاة (١) فلا يصلِّي صلاةً ويخرج منه إلَّا وهو ينتظر وقت صلاةٍ أخرى حتَّى يصلِّي فيه (وَ) الرَّابع: (رَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ) لا لغرضٍ دنيويٍّ (اجْتَمَعَا عَلَيْهِ) أي: على الحبِّ في الله (وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ) فلم يقطعهما عارضٌ دنيويٌّ، سواءٌ اجتمعا حقيقةً أم لا، حتَّى فرَّقهما الموت (وَ) الخامس: (رَجُلٌ دَعَتْهُ) طلبته (امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ) بكسر الصَّاد، أي: صاحبة نسبٍ شريفٍ (وَجَمَالٍ) إلى نفسها للزِّنا أو للتَّزوُّج بها، فخاف أن يشتغل عن العبادة بالاكتساب لها، أو خاف ألَّا يقوم بحقِّها لشغله بالعبادة عن التَّكسُّب بما يليق بها، والأوَّل أظهر؛ كما يدلُّ عليه السِّياق (فَقَالَ) بلسانه أو بقلبه ليزجر نفسه: (إِنِّي