و «النِّيَّات» بتشديد الياء: جمع نيَّةٍ؛ من نَوَى ينوِي، من باب ضرَب يضرِب؛ وهي لغةً: القصد، وقِيلَ: هي من النَّوى؛ بمعنى: البُعْد، فكأنّ النَّاوي للشَّيء يطلب بقصده وعزمه ما لم يصل إليه بجوارحه وحركاته الظَّاهرة؛ لبُعْده عنه، فجُعِلَت النِّيَّة وسيلةً إلى بلوغه. وشرعًا: قصد الشَّيء مقترنًا بفعله، فإن تراخى عنه كان عزمًا، أو يُقال: قصد الفعل ابتغاء وجه الله تعالى وامتثالًا لأمره، وهي هنا محمولةٌ على معناها اللُّغويِّ؛ ليطابق ما بعده من التَّقسيم، والتَّقييد بالمكلَّفين المؤمنين يخرِج أعمال الكفَّار؛ لأنَّ المراد بالأعمال أعمال العبادة، وهي لا تصحُّ من الكافر، وإن كان مُخاطَبًا بها مُعاقَبًا على تركها، وجُمِعَت النِّيَّة في هذه الرِّواية باعتبار تنوُّعها؛ لأنَّ المصدر لا يجمع إلَّا باعتبار تنوُّعه، أو باعتبار مقاصد النَّاوي؛ كقصده تعالى، أو تحصيل موعوده، أو اتِّقاء وعيده. وليس المراد نفي ذات العمل؛ لأنَّه حاصلٌ بغير نيَّةٍ، وإنَّما المراد: نفي صحَّته أو كماله على اختلاف التَّقديرين، وفي معظم الرِّوايات:«النية»[خ¦٥٤] بالإفراد على الأصل؛ لاتِّحاد محلِّها وهو القلب، كما أنَّ مرجعَها واحدٌ، وهو الإخلاص للواحد الذي لا شريك له، فناسب إفرادها، بخلاف الأعمال فإنَّها متعلِّقةٌ بالظَّواهر، وهي متعدِّدَةٌ، فناسب جمعها، وفي «صحيح ابن حبَّان»: «الأعمال بالنِّيَّات» بحذف «إنَّما»، وجمع «الأعمال» و «النِّيَّات»، وفي «كتاب الإيمان» من «صحيح البخاري» من رواية مالكٍ عن يحيى: «الأعمال بالنِّيَّة»[خ¦٥٤] وفيه أيضًا في «النِّكاح»: «العمل بالنِّيَّة»[خ¦٥٠٧٠] بالإفراد فيهما، والتَّركيب في كلِّها يفيد الحصر باتِّفاق المحقِّقين؛ لأنَّ «الأعمال» جمعٌ محلًّى بالألف