للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من أصحابه (١) النُّطق بها؛ لكنَّا نجزم بأنَّه نطق بها؛ لأنَّه لا شكَّ أنَّ الوضوء المَنويَّ مع النُّطق به أفضلُ، والعلم الضَّروري حاصلٌ بأنَّ أفضل الخلق لم يواظب على ترك الأفضل طول عمره، فثبت أنَّه أتى بالوضوء المنويِّ مع النُّطق، ولم يثبت عندنا أنَّه أتى بالوضوء العاري عنه، والشَّكُّ لا يعارض اليقين، فثبت أنَّه أتى بالوضوء المنويِّ مع النُّطق، والمقصود بها تَمييز العبادة عن العادة، أو تَمييز رتبها، ووقتها أوَّل الفرض؛ كأوَّل غسل جزءٍ من الوجه في الوضوء، فلو نوى في أثناء غسل الوجه كَفَتْ، ووجب إعادة المغسول منه قبلها، وإنَّما لم يوجبوا المقارنة في الصَّوم؛ لعسر مراقبة الفجر. وشرط النِّيَّة الجزم؛ فلو توضَّأ الشَّاكُّ بعد وضوئه في الحدث احتياطًا فبان محدثًا لم يجزه؛ للتَّردُّد في النِّيَّة بلا ضرورةٍ، بخلاف ما إذا لم يَبِنْ محدثًا فإنَّه يجزيه للضَّرورة، وإنَّما صحَّ وضوء الشَّاكِّ في طهره بعد تيقُّن حدثه مع التَّردُّد؛ لأنَّ الأصل بقاء الحدث، بل لو نوى في هذه إن كان محدثًا فعن حدثه، وإلَّا فتجديدٌ صحَّ أيضًا وإن تذكَّر. نقله النَّوويُّ في «شرح المهذَّب» عن البغوي، وأقرَّه.

(وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ) -بكسر الرَّاء- لكلِّ رجلٍ (مَا نَوَى) أي: الذي نواه أو نيَّته، وكذا لكلِّ امرأةٍ ما نوت؛ لأنَّ النَّساء شقائق الرِّجال، وفي «القاموس»: والمرء، مثلَّثة (٢) الميم: الإنسان أو الرَّجل، وعلى القول بأنَّ «إنَّما» للحصر، فهو هنا من حصر الخبر في المبتدأ، ويُقال: قصر


(١) في (م): «الصَّحابة».
(٢) في (د) و (س): «مثلَّث».

<<  <  ج: ص:  >  >>