للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصِّفة على الموصوف لأنَّ المقصور عليه في «إنَّما» دائمًا المؤخَّرُ، وتربو هذه على السَّابقة بتقديم الخبر، وهو يفيد الحصر كما تقرَّر (١)، واستُشكِل الإتيان بهذه الجملة بعد السَّابقة لاتِّحاد الجملتين، فقِيلَ: تقديره: وإنَّما لكلِّ امرئٍ ثوابُ ما نوى، فتكون الأولى قد نبَّهت على أنَّ الأعمال لا تصير مُعتَبرةً إلَّا بنيَّةٍ، والثَّانية على أنَّ العامل يكون له ثواب العمل على مقدار نيَّته، ولهذا أُخِّرَت عن الأولى لترتُّبها عليها، وتُعقِّب: بأنَّ الأعمال حاصلةٌ بثوابها للعامل لا لغيره، فهي عين معنى الجملة الأولى (٢)، وقال ابن عبد السَّلام: معنى الثَّانية: حصر ثواب الإجزاء (٣) المرتَّب على العمل لعامله، ومعنى الأولى: صحَّة الحكم وإجزاؤه، ولا يلزم منه ثوابٌ، فقد يصحُّ العمل ولا ثواب عليه، كالصَّلاة في المغصوب ونحوه على أرجح المذاهب، وعُورِض: بأنَّه يقتضي أنَّ العمل له نيَّتان: نيَّةٌ بها يصحُّ في الدُّنيا ويحصل الاكتفاء به، ونيَّةٌ بها يحصل الثَّواب في الآخرة، إلَّا أن يُقدَّر في ذلك وصف النِّيَّة: إن لم يحصل صحَّ ولا ثواب، وإن حصل صحَّ وحصل الثَّواب، فيزول الإشكال، وقِيلَ: إنَّ الثَّانية تفيد اشتراط تعيين المنويِّ، فلا يكفي في الصَّلاة نيَّتُها من غير تعيينٍ، بل لابدَّ من تمييزها (٤) بالظُّهر أو العصر مثلًا، وقِيلَ: إنَّها تفيد منع الاستنابة في النِّيَّة؛ لأنَّ الجملة الأولى لا تقتضي منعها، بخلاف الثَّانية، وتُعقِّب: بنحو نيَّة وليِّ الصبيِّ في الحجِّ، فإنَّها صحيحةٌ، وكحجِّ الإنسان عن غيره، وكالتَّوكيل في تفرقة الزَّكاة، وأُجِيب: بأنَّ ذلك واقعٌ على خلاف الأصل في الوضع (٥)، وذهب القرطبيُّ إلى أنَّ الجملة اللَّاحقة مؤكِّدةٌ للسَّابقة، فيكون ذكر الحكم بالأولى، وأكَّده بالثَّانية؛


(١) في (د): «تقدَّم».
(٢) في (ص) و (م): «الثَّانية».
(٣) في (ب) و (م): «الأجر».
(٤) في (م): «تعيينها».
(٥) في (س): «المواضع».

<<  <  ج: ص:  >  >>