للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو حنيفة: لا شيء فيه عليه ولا على السَّيِّد (فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ) أي: بصاع التَّمر، أي (١): جعلوا (٢) مثله (نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ) ولمَّا كان الكلام متضمِّنًا ترك المعدول به (٣)؛ أدخل الباء عليه؛ لأنَّها تدخل على المتروك، ففي الباء معنى: البدليَّة، والمراد بـ «النَّاس»: معاوية ومن معه -كما مرَّ- لا جميع النَّاس حتَّى يكون إجماعًا، كما نُقِل عن أبي حنيفة أنَّه استدلَّ به، وقد مرَّ ما فيه (فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي التَّمْرَ) وفي رواية مالكٍ في «المُوطَّأ» عن نافعٍ: كان ابن عمر لا يُخرج إلَّا التَّمر في زكاة الفطر إلَّا مرَّةً واحدةً فإنَّه أخرج شعيرًا (فَأَعْوَزَ) بفتح الهمزة والواو، بينهما عينٌ مهملةٌ ساكنةٌ، آخره زايٌ، أي: احتاج، ولأبي ذرٍّ: «فأُعوِز» بضمِّ الهمزة وكسر الواو (أَهْلُ المَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ) فلم يجدوه (فَأَعْطَى شَعِيرًا) وهو يدلُّ على أنَّ التَّمر أفضل ما يخرج في صدقة الفطر، ومذهب الشَّافعيَّة أنَّ الواجب جنس القوت المُعشَّر، وكذا الأَقِط؛ لحديث أبي سعيدٍ السَّابق [خ¦١٥١٠] وفي معناه: اللَّبن والجبن، فيجزئ كلٌّ من الثَّلاثة لمن هو قُوته، ولا يجزئ المخيض والمصل والسَّمن والجبن المنزوع الزَّبد؛ لانتفاء الاقتيات بها، ولا المُملَّح من الأَقِط الذي أفسد كثرةُ الملح جوهرَه، ويجب من غالب قوت بلده، فـ «أو» في قوله في الحديث: «صاعًا من تمر أو صاعًا من شعيرٍ» ليست للتَّخيير، بل لبيان الأنواع التي يخرج منها، وذُكِرا لأنَّهما الغالب في قوت أهل المدينة، وجاءت أحاديث أُخَر (٤) بأجناسٍ أخرى، فعند الحاكم: أو صاعًا من قمحٍ، ولأبي داود والنَّسائيِّ: أو سُلْتٍ، وللمؤلِّف وغيره -كما سبق-: أو زبيبٍ أو أَقِطٍ [خ¦١٥٠٦] وكلُّها محمولةٌ على أنَّها غالب أقوات المخاطبين بها، ويجزئ الأعلى عن الأدنى ولا عكس، والاعتبار بزيادة الاقتيات في الأصحِّ، فالبُرُّ خيرٌ من التَّمر (٥) والأرزِّ، والشَّعير خيرٌ من التَّمر؛ لأنَّه أبلغ في الاقتيات، والتَّمر خيرٌ من الزَّبيب، وقال الحنفيَّة: يتخيَّر بين البُرِّ والدَّقيق والسَّويق والزَّبيب والتَّمر، والدَّقيق أَوْلى من البُرِّ، والدَّراهم أَوْلى من الدَّقيق فيما يُروَى


(١) «أي»: ليس في (د).
(٢) في (م): «فعلوا».
(٣) في (ب) و (س): «عنه».
(٤) في (ب) و (س): «أخرى».
(٥) في (د): «الشَّعير».

<<  <  ج: ص:  >  >>