للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والحِجَّة بالكسر: المرَّة الواحدة، وهو من الشَّواذِّ؛ لأنَّ القياس بالفتح، وهو مبنيٌّ على اختياره أنَّه بالفتح الاسم، ومعنى الحجِّ في اللُّغة: القصد، وفي الشَّرع: عبادةٌ يلزمها وقوف بعرفة ليلة عاشر ذي الحجَّة، وطوافٌ ذي طُهْرٍ اختصَّ بالبيت عن يساره سبعًا، والمناسك -جمع منسَِكٍ-: بفتح السِّين وكسرها، والنُّسك: العبادة، والنَّاسك: العابد، واختصَّ بأعمال الحجِّ والمناسك مواقف النُّسك وأعمالها، والنَّسيكة مختصَّةٌ بالذَّبيحة (وَقَوْلِ اللهِ) تعالى (١) بالجرِّ، عطفًا على سابقه، وسقط ذلك لغير أبي ذرٍّ (٢) (﴿وَلِلّهِ﴾) فرضٌ واجبٌ (﴿عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾) قصدُه للزِّيارة على الوجه المخصوص الآتي بيانه إن شاء الله تعالى (﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: ٩٧]) بدلٌ من ﴿النَّاسِ﴾ مخصِّصٌ له، والضَّمير في ﴿إِلَيْهِ﴾ للبيت أو للحجِّ، وكلُّ مأتىَ إلى الشَّيء فهو سبيله، وحذف الرَّابط لفهمه، أي: من استطاع منهم، كذا أعربه جمهور المعربين، لكن قال البدر الدَّمامينيُّ: يلزم عليه فصل البدل (٣) والمُبدَل منه بالمبتدأ، وفيه نظرٌ. انتهى. وقال ابن هشامٍ: زعم ابن السِّيْد أنَّ ﴿مَنِ﴾ فاعلٌ بالمصدر، ويردُّه أنَّ المعنى حينئذٍ: ولله على النَّاس أن يحجَّ المستطيع، فيلزم إثم جميع النَّاس إذا تخلَّف المستطيع، وتعقَّبه في «المصابيح» بأنَّه بناه على أنَّ الألف واللَّام لاستغراق الجنس، وهو ممنوعٌ لجواز كونها للعهد الذِّكريِّ، والمراد حينئذٍ بـ ﴿النَّاسِ﴾: مَنْ جرى ذكره وهم المستطيعون، وذلك لأنَّ «حجُّ البيت» مبتدأٌ، والخبر قوله: «لله على النَّاس»، والمبتدأ مُقدَّمٌ على الخبر رتبةً وإن تأخَّر لفظًا، فإذا قدّمت المبتدأ وما هو من متعلَّقاته كان التَّقدير: حجُّ البيت المستطيعون حقٌّ ثابتٌ لله على النَّاس، أي: هؤلاء المذكورين، ويدلُّ عليه أنَّك لو أتيت بالضَّمير؛ سدَّ مسدَّ «أل» ومصحوبها، وهو علامة الأداة التي للعهد الذِّكريِّ؛ بل جعلُها كذلك مُقدَّمٌ على جعلها للعموم، فقد صرَّح كثيرون بأنَّه: إذا احتمل كون «أل» للعهد وكونها لغيره؛ كالجنس أو العموم فإنَّا نحملها على العهد للقرينة المرشدة إليه، ووجوب الحجِّ معلومٌ من الدِّين بالضَّرورة، ولهذه الآية، وهو أحد أركان


(١) في (د): «وقوله تعالى».
(٢) في (د) و (م): «الأَصيليِّ»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٣) في (ص): «المبدل»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>