و «الدُّنيا»: «فُعْلَى» من الدُّنوِّ؛ وهو القرب، سمِّيت بذلك؛ لسبقها للأخرى، وهي ما على الأرض من الجوِّ والهواء، أو هي كلُّ المخلوقات من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدَّار الآخرة، أو لدنوِّها من الزَّوال، ووقع في رواية الحُمَيْدِيِّ هذه حذف أحد وجهي التَّقسيم؛ وهو قوله:«فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله … » إلى آخره. وقد ذكره البخاريُّ من غير طريق الحُمَيْدِيِّ، فقال ابن العربيِّ: لا عذر للبخاريِّ في إسقاطه؛ لأنَّ الحُمَيْدِيَّ رواه في «مُسنَده» على التَّمام، قال: وقد ذكر قومٌ أنَّه لعلَّه استملاه من حفظ الحُمَيْدِيِّ، فحدَّثه هكذا، فحدَّث عنه كما سمع، أو حدَّثه به تامًّا، فسقط من حفظ البخاريِّ، قال: وهو أمرٌ مُستبعَد جدًّا عند من اطَّلع على أحوال القوم، وجاء من طريق بشر بن موسى، و «صحيح أبي عَوانة»، و «مُستخرَجي أبي نعيمٍ على الصَّحيحين» من طريق الحُمَيْدِيِّ تامًّا، ولعلَّ المؤلِّف إنَّما اختار الابتداء بهذا السِّياق النَّاقص ميلًا إلى جواز الاختصار من الحديث، ولو من أثنائه، كما هو الرَّاجح، وقِيلَ غير ذلك.
وهذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، قال أبو داود: يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث: «الأعمال بالنِّيَّة (١)»، و «مِنْ حُسْنِ إِسلامِ المَرءِ تركُهُ ما لا يَعْنِيْه» و «لا يكون