للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قاله مرَّتين في الموضعين، وأنَّ العزيمة كانت آخرًا حين أمرهم بفسخ الحجِّ إلى العمرة: (مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدِْيٌّ) بإسكان الدَّال وتخفيف الياء وبكسر الدَّال وتشديد الياء، والأولى أفصح وأشهر: اسمٌ لِما يُهدَى إلى الحرم من الأنعام، وسَوْق الهدي سنَّةٌ لمن أراد الإحرام بحجٍّ أو عمرةٍ (فَلْيُهِلَّ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ) وفي «اليونينيَّة»: بالنَّصب مُصْلَحٌ (١) (حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا) أي: من الحجِّ والعمرة (جَمِيعًا) وفيه دلالةٌ على أنَّ السَّبب في بقاء من ساق الهدي على إحرامه حتَّى يحلَّ من الحجِّ؛ كونه أدخل الحجَّ على العمرة لا مُجرَّد سوق الهدي كما يقوله أبو حنيفة وأحمد وموافقوهما (٢) من أنَّ المعتمر المتمتِّع إذا كان معه هديٌ لا يتحلَّل من عمرته حتَّى ينحر هديه يوم النَّحر، وقد تمسَّكوا بقوله في رواية عقيلٍ عن الزُّهريِّ في «الصَّحيحين»: فقال رسول الله : «من أحرم بعمرةٍ ولم يُهْدِ فَلْيُحْلِل، ومن أحرم بعمرةٍ وأهدى فلا يُحِلَّ حتَّى ينحر هديه، ومن أهلَّ بحجٍّ فليتمَّ حجَّه» [خ¦٣١٩] وهي ظاهرةٌ في الدَّلالة لمذهبهم، لكن تأوَّلها الشَّافعيَّة على أنَّ معناها: ومن أحرم بعمرةٍ وأهدى فليهلل بالحجِّ، ولا يحلُّ حتَّى ينحر هديه، واستدلُّوا لصحَّة هذا التَّأويل بهذه الرِّواية لأنَّ القصَّة واحدةٌ والرَّاوي واحدٌ، فتعيَّن الجمع بين الرِّوايتين.

قالت عائشة: (فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ) جملةٌ اسميَّةٌ وقعت حالًا، وكان ابتداء حيضها بسَرِفٍ يوم السَّبت لثلاث ليالٍ (٣) خلون من ذي الحجَّة (وَلَمْ أَطُفْ بِالبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ) عطفٌ على المنفيِّ قبله، على تقدير: ولم أسعَ، وهو من باب:

علفتها تبنًا وماءً باردًا ...................

ويجوز أن يقدِّر: ولم أَطُفْ بين الصَّفا والمروة، على طريق المجاز لِمَا في الحديث: «وطاف بالصَّفا والمروة سبعة أطوافٍ» [خ¦١٦٩١] وإنَّما ذهب إلى التَّقدير دون الانسحاب لئلَّا يلزم استعمال اللَّفظ الواحد (٤) حقيقةً ومجازًا في حالةٍ واحدةٍ، قاله في «شرح المشكاة» (فَشَكَوْتُ


(١) «وفي «اليونينيَّة»: بالنَّصب مُصْلَحٌ»: ليس في (م).
(٢) في (د): «وموافقهما».
(٣) «ليالٍ»: ليس في (د) و (س).
(٤) في (م): «على الواحدة».

<<  <  ج: ص:  >  >>