للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ) أي: ترك الطَّواف بالبيت، وبين الصَّفا والمروة بسبب الحيض (إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: انْقُضِي رَأْسَكِ) بالقاف المضمومة والضَّاد المعجمة المكسورة من النَّقض، أي: حلِّي ضفر شعر رأسك (وَامْتَشِطِي) أي: سرِّحيه بالمشط (وَأَهِلِّي بِالحَجِّ، وَدَعِي العُمْرَةَ) أي: عملها؛ من الطَّواف والسَّعي وتقصير الشَّعر، لا أنَّها تدع العمرة نفسها، وحينئذٍ فتكون قارنةً؛ كذا تأوَّله الشَّافعيُّ، والحاصل: أنَّها أحرمت بالحجِّ ثمَّ فسخته إلى العمرة حين أمر النَّاس بذلك، فلمَّا حاضت وتعذَّر عليها إتمام العمرة والتَّحلُّل منها وإدراك الإحرام بالحجِّ أمرها بالإحرام بالحجِّ، فأحرمت به فصارت مُدخِلةً للحجِّ على العمرة وقارنةً، لكن استشكل الخطَّابيُّ قوله لها: «انقضي رأسك وامتشطي» لأنَّه ظاهرٌ في إبطال العمرة لأنَّ المُحرِم لا يفعل مثل ذلك (١)؛ لأنَّه يؤدِّي إلى انتتاف الشَّعر، وأُجيب بأنَّه لا يلزم من ذلك إبطال العمرة، فإنَّ نقض الرَّأس (٢) والامتشاط جائزان في الإحرام إذا لم يؤدِّ إلى انتتاف الشَّعر، لكن يُكرَه الامتشاط لغير عذرٍ، أو أنَّ ذلك كان بسبب أذًى كان برأسها، فأُبيح لها كما أُبيح لكعب بن عُجْرة في حلق رأسه للأذى، أو المراد بالامتشاط: تسريح الشَّعر بالأصابع لغسل (٣) الإحرام بالحجِّ، ولا سيَّما إن كانت مُلبِّدةً فتحتاج إلى نقض الضَّفر ثمَّ تضفره كما كان ويلزم منه نقضه، ويشهد لِما أوَّله الشَّافعيُّ -رحمة الله عليه- قولُه في الحديث الآخر: «قد حللت من حجَّتك وعمرتك جميعًا» وقوله في الحديث الآخر: «طوافك وسعيك كافيك لحجِّك وعمرتك» فهو صريحٌ (٤) في أنَّها كانت قارنة لكن عند المؤلِّف في «باب التَّمتُّع والإقران» (٥) من طريق الأسود عنها: أنَّها قالت: «يا رسول الله يرجع النَّاس بعمرةٍ وحجٍّ، وأرجع أنا بحجَّةٍ» [خ¦١٥٦١] وزاد في رواية عطاء عنها عند أحمد: «ليس معها عمرةٌ» وهذا يقوِّي قول الحنفيَّة: إنَّها تركت العمرة وحجَّت مفردةً متمسِّكين بقوله لها: «دعي عمرتك»، واستدلَّوا به على أنَّ المرأة إذا أهلَّت بالعمرة متمتِّعةً


(١) في (د): «هذا».
(٢) في (د): «الشَّعر».
(٣) في (د): «لأجل».
(٤) في (م): «صحيحٌ»، وهو تحريفٌ.
(٥) في غير (ص): «القِران».

<<  <  ج: ص:  >  >>