للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقران، واختلفوا في أيِّها أفضل (١) بحسب اختلافهم فيما فعله في حجَّة الوداع، ومذهب الشَّافعيَّة والمالكيَّة أنَّ الإفراد أفضل لأنَّه اختاره أوَّلًا، ولأنَّ رواته أخصُّ به في هذه الحجَّة، فإنَّ منهم جابرًا وهو أحسنهم سياقًا لحجِّه ، ومنهم ابن عمر، وقد قال: كنت تحت ناقته يمسُّني لعابها أسمعه يلبِّي بالحجِّ، وعائشة وقربها منه واطِّلاعها على باطن أمره وعلانيته، كلُّه معروفٌ مع فقهها، وابن عبَّاسٍ وهو بالمحلِّ المعروف من الفقه والفهم الثَّاقب، ولأنَّ الخلفاء الرَّاشدين بعد النَّبيِّ أفردوا الحجَّ وواظبوا عليه، وما وقع من الاختلاف عن عليٍّ وغيره، فإنَّما فعلوه لبيان الجواز، وإنَّما أدخل النَّبيُّ العمرة على الحجِّ لبيان جواز (٢) الاعتمار في أشهر الحجِّ، ثمَّ إنَّ الأفضل بعد الإفراد التَّمتُّع ثمَّ القِران. نعم القران أفضل من الإفراد للذي لا يعتمر في سنته عندنا، لكن صرَّح القاضي حسينٌ والمتولِّي بترجيح الإفراد ولو لم يعتمر في تلك السَّنة، وقال أحمد وآخرون: أفضلها التَّمتُّع ثمَّ الإفراد ثمَّ القران، واحتجَّ لترجيح التَّمتُّع بأنَّه تمنَّاه بقوله: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرةً» [خ¦١٦٥١] وأجاب الشَّافعيَّة عن ذلك بأنَّ سببه أنَّ من لم يكن معه هديٌ أُمِروا بجعلها عمرةً، فحصل لهم حزنٌ حيث لم يكن معهم هديٌ، فيوافقون النَّبيَّ في البقاء على الإحرام، فتأسَّف (٣) حينئذٍ على فوات موافقتهم تطييبًا لنفوسهم ورغبةً فيما فيه موافقتهم (٤)، لا أنَّ التَّمتُّع دائمًا أفضل، قال القاضي حسينٌ: ولأنَّ ظاهر هذا الحديث غير مرادٍ بالإجماع لأنَّ ظاهره أنَّ سوق الهدي يمنع انعقاد العمرة، وقد انعقد الإجماع على خلافه، وقال أبو حنيفة: القِران ثمَّ التَّمتُّع ثمَّ الإفراد، واحتجَّ لترجيح القِران بما سبق من الأحاديث، وبقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] وقالوا: إنَّ الدَّم الذي على القارن ليس دم جبرانٍ، بل هو (٥) دم عبادةٍ، والعبادة


(١) في (ص): «الأفضل».
(٢) في (د): «الجواز».
(٣) في (د): «النَّبيُّ ».
(٤) قوله: «تطييبًا لنفوسهم، ورغبةً فيما فيه موافقتهم» سقط من (د).
(٥) «هو»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>