للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَمَا قَالَ اللهُ (١) تَعَالَى: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]) أي: فعليه دمٌ استيسره بسبب التَّمتُّع، فهو دم جبرانٍ يذبحه إذا أحرم بالحجِّ لأنَّه حينئذٍ يصير متمتِّعًا بالعمرة إلى الحجِّ ولا يأكل منه، وقال أبو حنيفة: إنَّه دم نسكٍ، فهو كالأضحية (﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ﴾) أي: الهدي (﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾) في أيَّام الاشتغال به بعد الإحرام وقبل التَّحلُّل، ولا يجوز تقديمها على الإحرام بالحجِّ لأنَّها عبادةٌ بدنيَّةٌ فلا تُقدَّم على وقتها، ويُستحَبُّ قبل يوم عرفة لأنَّه يُستحَبُّ للحاجِّ فطره، وقال أبو حنيفة: في أشهره بين الإحرامين، والأحبُّ أن يصوم سابع ذي الحجَّة وثامنه وتاسعه، ولا يجوز يوم النَّحر وأيَّام التَّشريق عند الأكثر، وقال المالكيَّة: يصوم أيَّام التَّشريق أو ثلاثةً بعدها لقوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ أي: في وقته وذو الحجَّة كلُّه وقتٌ عندهم، ولنا: أنَّه نهى عن صوم أيَّام التَّشريق (٢)، ولأنَّ ما بعدها ليس من وقت الحجِّ عندنا (﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] إِلَى أَمْصَارِكُمْ) وهذه (٣) تفسيرٌ من ابن عبَّاسٍ للرُّجوع، أو إذا نفرتم وفرغتم من أعماله لأنَّ قوله تعالى: ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ مسبوقٌ بقوله تعالى: ﴿ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ فتنصرف إليه، وكأنَّه بالفراغ رجع عمَّا كان مقبلًا عليه من الأعمال، وهذا مذهب أبي حنيفة، والقول الثَّاني للشَّافعيِّ: وإذا قلنا بالأوَّل؛ فلو توطَّن مكَّة بعد فراغه من الحجِّ صامَ بها، وإن لم يتوطَّنها لم يجز صومه بها، ولا يجوز صومها بالطَّريق إذا توجَّه إلى وطنه لأنَّه تقديمٌ للعبادة البدنيَّة على وقتها، وإن قلنا بالثَّاني؛ فلو أخَّره حتَّى رجع إلى وطنه جاز، بل هو أفضلُ خروجًا من الخلاف.

(الشَّاةُ تَجْزِي) بفتح أوَّله من غير همزٍ، أي: تكفي لدم التَّمتُّع، والجملة حاليَّةٌ وقعت بدون واوٍ نحو: كلَّمتُه فوه إلى فِيَّ، وهذا تفسيرٌ من (٤) ابن عبَّاسٍ، وفي بعض الأصول: «تُجزئ» بضمِّ أوَّله وهمز آخره (فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَامٍ بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ) ذكرهما للبيان، وإلَّا فهما نفس


(١) «الله»: اسم الجلالة مثبتٌ من (ص) و (م).
(٢) في (د): «منهيٌّ عن أيَّام التَّشريق».
(٣) في (د): «وهذا».
(٤) «من»: مثبتٌ من (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>