للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفتوى، فقد نقله في «التَّقريب» عن نصِّ «الإملاء» وأنَّ الشَّافعيَّ أيَّده بأنَّ اعتبارها من الحرم يؤدِّي إلى إدخال البعيد عن مكَّة وإخراج القريب منها؛ لاختلاف المواقيت. انتهى. والقريب من الشَّيء يُقال: إنَّه حاضره، قال الله تعالى: ﴿واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾ [الأعراف: ١٦٣] أي: قريبةً منه، وقال في «المدوَّنة»: وليس على أهل مكَّة القرية بعينها، وأهل ذي طوًى إذا قرنوا أو تمتَّعوا دم قِرانٍ ولا متعةٍ، قال ابن حبيبٍ عن مالكٍ وأصحابه: ومن كان دون مسافة القصر من مكَّة حكمه حكم المكِّيِّ، وقِيلَ: إنَّ مَنْ دون المواقيت كالمكِّيِّ، ولم يعزُه اللَّخميُّ، قاله (١) بهرام، وقال الحنفيَّة: هم أهل المواقيت ومَنْ دونها.

(وَأَشْهُرُ الحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى (٢)) زاد أبو ذرٍّ: «في كتابه» أي: في الآية التي بعد آية التَّمتُّع، وهي قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]: (شَوَّالٌ وَذُو القَعْدَةِ وَذُو الحَجَّةِ) من باب إقامة البعض مقام الكلِّ، أو إطلاقًا للجمع على ما فوق الواحد، أي: تسع ذي الحجَّة بليلة النَّحر عندنا، والعشر عند أبي حنيفة، وذو الحجَّة كلُّه عند مالكٍ، وبناء الخلاف أنَّ المرادَ بوقته وقتُ إحرامه (٣)، أو وقت أعماله ومناسكه، أو ما لا يحسن فيه غيره من المناسك مطلقًا، فإنَّ مالكًا كره العمرة في بقيَّة ذي الحجَّة، وأبو حنيفة وإن صحَّح الإحرام به قبل شوَّال فقد استكرهه (فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الأَشْهُرِ) الثَّلاثة أو إلى (٤) العاشر من ذي (٥) الحجَّة أو ليلته (فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ) ثلاثة أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجع إن عجز عن الهدي، وليس للقيد بالأشهر مفهومٌ لأنَّ الذي يعتمر في غير أشهر الحجِّ لا يُسمَّى متمتِّعًا ولا دم عليه، وكذلك المكِّيُّ عند الجمهور خلافًا لأبي حنيفة، ويدخل في عموم قوله: «فمن تمتَّع» مَنْ أحرم بالعمرة في أشهر الحجِّ ثمَّ رجع إلى بلده ثمَّ حجَّ منها، وبه قال الحسن البصريُّ، وهو مبنيٌّ على أنَّ التَّمتُّع إيقاع العمرة في أشهر الحجِّ فقط، والذي عليه الجمهور أنَّ التَّمتُّع أن يجمع الشَّخص الواحد بينهما في سفرٍ واحدٍ في أشهر الحجِّ في عامٍ واحدٍ، وأن يقدِّم العمرة


(١) في غير (د): «قال».
(٢) «تعالى»: ليس في (د) و (م).
(٣) في (د): «وقت الإحرام».
(٤) «إلى»: مثبتٌ من (ص) و (م).
(٥) «ذي»: ليس في (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>