للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في «المصابيح»: والسَّبب في كونه حزر ذلك ولم يقطع به أنَّ المنقول أنَّه لم يكن حول البيت حائطٌ يحجز الحِجْر من سائر المسجد حتَّى حجزه عُمر بالبنيان، ولم يبنهِ على الجدار الذي كان علامةً على (١) أساس إبراهيم بأن زاد ووسَّع قطعًا للشَّكِّ، وصار الجدار في داخل التَّحجير فلذلك حزر جريرٌ ولم يقطع. انتهى. وهذا نقله المُهلَّب عن ابن أبي زيدٍ بلفظ: إنَّ حائط الحِجر لم يكن مبنيًّا في زمن النَّبيِّ وأبي بكرٍ حتَّى كان عمر، فبناه ووسَّعه قطعًا للشَّكِّ، وفيه نظرٌ لأنَّ هذا إنَّما هو في حائط المسجد لا في الحجر، ولم يزل الحِجر موجودًا في عهد (٢) النَّبيِّ كما يصرِّح به كثيرٌ من الأحاديث الصَّحيحة، وهل الصَّحيح أنَّ الحجر كلَّه من البيت حتَّى لا يصحَّ الطَّواف في جزءٍ منه أو بعضه فيصحَّ؟ جزم النَّوويُّ بالأوَّل -كابن الصَّلاح- لحديث «الصَّحيحين»: «الحجر من البيت» [خ¦١٥٨٤] وأبو محمَّدٍ الجوينيُّ وولده إمام الحرمين والبغويُّ بالثَّاني، وقال الرَّافعيُّ: إنَّه (٣) الصَّحيح لحديث الباب، وحديث مسلمٍ عن الحارث عن عائشة: «فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمِّي لأُرِيَك ما تركوا منه، قريبًا من سبعة أذرعٍ»، وله من طريق سعيد بن مِيْناء عن عبد الله بن الزُّبير عنها: وزدت فيه ستَّة أذرعٍ، ولسفيان بن عُيَيْنَة في «جامعه»: أنَّ ابن الزُّبير زاد ستَّة أذرعٍ ممَّا يلي الحِجْر، وله أيضًا: ستَّة أذرعٍ وشبر، لكن قال ابن الصَّلاح منتصرًا لما ذهب إليه: اضطربت الرِّوايات في ذلك؛ ففي «الصَّحيحين»: «الحجر من البيت»، ورُوِي: ستَّة أذرعٍ، ورُوِي: ستٌّ أو نحوها، ورُوِي: خمسٌ، ورُوِي: قريبًا من سبعٍ، وحينئذٍ يتعيَّن الأخذ بأكثرها ليسقط الفرض بيقينٍ، وقال الحافظ زين الدِّين العراقيُّ في «شرح سنن أبي داود»: ظاهر نصِّ الشَّافعيِّ في «المختصر»: أنَّ الحِجْر كلَّه من البيت، وهو مقتضى كلام جماعةٍ من أصحابه، وقال النَّوويُّ: إنَّه الصَّحيح، وبه قطع جماهير أصحابنا، وقال: هذا هو الصَّواب، وتُعقِّب بأنَّ الجمع بين المختلف من الأحاديث ممكنٌ، وهو


(١) «على»: ليس في (ص) و (م).
(٢) في (د): «زمن».
(٣) زيد في غير (د) و (س): «من».

<<  <  ج: ص:  >  >>