للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحجر تحت حائط الكعبة شاذَروان، فيكون هذا الشَّاذَروان نظير الشَّاذَروان الذي هو خارج البيت، ولم يقل أحدٌ: إنَّ هذا في الحجر له حكم الشَّاذَروان الخارج ولا إنَّه عمادٌ، وإنَّ الخارج شاذروان، فكون هذا الشَّاذَروان مراعًى في الطَّواف لا دليل عليه، ومثل هذا لا يثبت إلَّا بالإجماع الصَّحيح المتواتر النَّقل. انتهى. وأقول: قول ابن رُشَيدٍ: إنَّه لم يوجد لفظ الشَّاذَروان عن أحدٍ من السَّلف، ونسبة ابن الصَّلاح إلى السَّهو والغلط فيما نقله من ذلك يُقال عليه: هذا الإمام الأعظم الشَّافعيُّ قد قال ذلك فيما نقله عنه البيهقيُّ في كتابه «معرفة السُّنن والأخبار»، وعبارته: قال الشَّافعيُّ: فكلُّ طوافٍ طافه على شاذروان الكعبة أو في الحِجر أو على جداره فكما (١) لم يَطُفْ، قال الشَّافعيُّ: أمَّا الشَّاذَروان فأحسبه مبنيًّا على أساس الكعبة، ثمَّ يقتصر بالبنيان عن استيطافه، ولا ريب أنَّ الشَّافعيَّ من أَجَلِّ السَّلف، ثمَّ إنَّه لا يلزم من كونه كان يستلم الرُّكنين اليمانيَين عدم وجود الشَّاذَروان، ووجوده ليس مانعًا من استلامهما لصدق القول بأنَّهما على القواعد، وليس فيما نقله ابن رُشَيدٍ تصريحٌ بأنَّ ابن الزُّبير وضع البناء على أساس إبراهيم بحيث لم يبق شيئًا ممَّا يُسمَّى شاذَروان، ولا وقفت على ذلك في شيءٍ من الرِّوايات، فيحتمل أن يكون الأمر كذلك، وأن يكون على حدِّ بناء قريشٍ، فأبقى ما قِيلَ: إنَّهم أبقوه، وإذا احتمل الأمر واحتمل … (٢) سقط الاستدلال به، نعم هَدْمُ ابن الزُّبير لجميع البيت الظَّاهرُ منه إنَّما كان ليعيده على القواعد، بحيث لم يترك شيئًا منها خارجًا عن الجدار (٣) من جميع جوانبه، وإلَّا فلو كان غرضه إعادة ما نقضته (٤) قريشٌ من جهة الحجر فقط لاكتفى بهدم ذلك، فهدمه لجميعه وإعادته لا بدَّ وأن يكون لغرضٍ صحيحٍ، وليس ثمَّ سوى إعادته على بناء الخليل من غير أن يترك منه شيئًا، لكن روى مسلمٌ في «صحيحه» عن عطاءٍ قال: لمَّا احترق البيت زمن يزيد بن معاوية قال ابن الزُّبير: يا أيُّها النَّاس أشيروا عليَّ في الكعبة أنقضها ثمَّ أبني بناءها أو أصلح ما وَهَى منها؟ قال ابن عبَّاسٍ: إنِّي أرى أن تصُلِح ما وهى منها


(١) زيد في (د): «لو».
(٢) أي: واحتمل ضده، سقط التمسك به.
(٣) في (م): «الجدر».
(٤) هكذا في كل الأصول الخطية، وفي (د) و (س): «نقصته».

<<  <  ج: ص:  >  >>