للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اختلاف التَّحمُّل؛ لأنَّها في الأوَّل أخبرت عن مسألة الحارث، وفي الثَّاني: عمَّا شاهدته تأييدًا للخبر الأوَّل. ونفى بعضهم أن يكون هذا من التَّعاليق، ولم يُقِمْ عليه دليلًا، وتُعقِّب الحذف: بأنَّ الأصل في العطف (١) أن يكون بالأداة، وما نصَّ عليه ابن مالكٍ غير مشهورٍ، وخلاف ما عليه الجمهور، ومَقُول عائشة: (وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ) ، والواو للقسم، واللَّام للتَّأكيد، أي: والله لقد أبصرته (يَنْزِلُ) بفتح أوَّله وكسر ثالثه، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: «يُنزَل» بالضَّمِّ والفتح (عَلَيْهِ) (الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ) «الشَّديد»: صفةٌ جرت على غير من هي له؛ لأنَّه صفة «البرد»، لا «اليوم» (فَيَفْصِمُ) بفتح المثنَّاة التَّحتيَّة وكسر الصَّاد، ولأبوي ذَرٍّ والوقت: «فيُفصِم» بضمِّها وكسر الصَّاد من «أفصم» الرُّباعيِّ، وهي لغةٌ قليلةٌ، وقال في «الفتح»: ويُروَى: بضمِّ أوَّله وفتح الصَّاد على البناء للمجهول، وهي في «اليونينيَّة» أيضًا، أي: يقلع (عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ) بالفاء والصَّاد المُهملَة المشدَّدة، أي: ليسيل (عَرَقًا) بفتح الرَّاء، من كثرة معاناة التَّعب والكرب عند نزول الوحي؛ إذ إنَّه أمرٌ طارئٌ زائدٌ على الطِّباع البشريَّة، وإنَّما كان ذلك (٢) كذلك؛ ليبلو صبره، فيرتاض لاحتمال ما كُلِّفه من أعباء النُّبوَّة، وأمَّا ما ذُكِرَ من أنَّ «يتقصَّد» بالقاف؛ فتصحيفٌ لم يُروَ، و «الجبين» غير الجبهة، وهو فوق الصُّدغ، والصُّدغ: ما بين العين والأُذن، فللإنسان جبينان يكتنفان الجبهة، والمراد -والله أعلم- أنَّ جبينيه معًا يتفصَّدان، فإن قلت: فَلِمَ أفرده؟ أُجِيب: بأنَّ الإفراد يجوز أن يعاقِب التَّثنية في كلِّ اثنين لا (٣) يغني أحدهما عن الآخر؛ كالعينين والأُذنين، تقول: عين (٤) حسنةٌ، وأنت تريد أنَّ عينيه جميعًا حسنتان، قاله في «المصابيح»، و «العَرَق»: رشح الجلد.


(١) في (ص): «الحذف».
(٢) في (ص): «إذ ذاك»، وليس في (م).
(٣) لفظة «لا» زيادة من المصابيح، وهي ضرورية، انظر: «التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل» (٢/ ٧٩) و «تمهيد القواعد» (١/ ٤١٣).
(٤) في (س): «عينه».

<<  <  ج: ص:  >  >>