للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّحابة؛ فإنَّ عائشة لم تدرك هذه القصَّة، لكنَّ الظَّاهر أنَّها سمعت ذلك منه ؛ لقولها: قال: «فأخذني فغطَّني»، فيكون قولها: «أوَّل ما بُدِئَ به» حكايةَ ما تلفَّظ به النَّبيُّ ، وحينئذٍ فلا يكون من المراسيل، وقوله: «من الوحي» أي: من أقسام الوحي، فـ «من» للتَّبعيض، وقال أبو عبد الله القزَّاز: ليست الرُّؤيا من الوحي، و «من» لبيان الجنس، وقال الأُبِّيُّ: نعم؛ هي كالوحي في الصِّحَّة؛ إذ لا مدخل للشَّيطان فيها، وفي رواية مسلمٍ كالمصنِّف في رواية معمر [خ¦٤٩٥٦] ويونس [خ¦٤٩٥٣]: «الصَّادقة»، وهي التي ليس فيها ضغثٌ، وذكر «النَّوم» بعد «الرُّؤيا» المخصوصة به؛ لزيادة الإيضاح والبيان، أو لدفع وهم من يتوهَّم أنَّ الرُّؤيا تُطلَق على رؤية العين، فهي (١) صفةٌ موضِّحةٌ، وأهل المعاني يسمونها صفةً فارقةً، أو لأنَّ غيرها يُسمَّى حُلُمًا، أو تخصيصٌ دون السَّيِّئة والكاذبة المسمَّاة بأضغاث الأحلام، وكانت مدَّة الرُّؤيا ستَّة أشهرٍ -فيما حكاه البيهقيُّ- وحينئذٍ فيكون ابتداء النُّبوَّة بالرُّؤيا حصل في شهر ربيعٍ، وهو شهر مولده، واحترز بقوله: «من الوحي» عمَّا رآه من دلائل نبوَّته من غير وحيٍ؛ كتسليم الحجر عليه؛ كما في «مسلمٍ»، وأوَّله مُطلَقًا ما سمعه من بَحيرا الرَّاهب؛ كما في «التِّرمذيِّ» بسندٍ صحيحٍ (فَكَانَ) بالفاء للأَصيليِّ، ولأبوَي ذَرٍّ والوقت وابن عساكر وفي نسخةٍ للأَصيليِّ «وكان» أي: النَّبيُّ (لَا يَرَى رُؤْيَا) بلا تنوينٍ (إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ) كرؤياه دخول المسجد الحرام، و «مثل»: نُصِبَ بمصدرٍ محذوفٍ، أي: إِلَّا جاءت


(١) في (د) و (ص): «فهو».

<<  <  ج: ص:  >  >>