مجيئًا مثل فلق الصُّبح، والمعنى أنَّها شبيهةٌ له في الضِّياء والوضوح، أو التَّقدير: مشبهةً ضياء الصُّبح، فيكون النَّصب على الحال، وعبَّر بـ «فلق الصُّبح» لأنَّ شمس النُّبوَّة قد كانت مبادئ أنوارها الرُّؤيا إلى أن ظهرت أشعَّتها وتمَّ نورها، والفلق: الصُّبح، لكنَّه لمَّا كان مُستعمَلًا في هذا المعنى وغيره أُضِيف إليه للتَّخصيص والبيان إضافة العامِّ إلى الخاصِّ. وعن «أمالي الرَّافعيِّ» حكاية خلافٍ: أنَّه أُوحِيَ إليه ﷺ شيءٌ من القرآن في النَّوم أوْ لا، وقال: الأشبه أنَّ القرآن نزل كلُّه يقظةً، ووقع في مُرسَل عبد الله بن أبي بكر بن حزمٍ عند الدَّولابيِّ: ما يدلُّ على أنَّ الذي كان يراه ﵊ هو جبريل، ولفظه: أنَّه قال لخديجة بعد أن أقرأه جبريل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾: «أَرأَيْتَكِ الذي كنت أحدِّثك أنِّي رأيته في المنام هو جبريل استعلن»، وإنَّما ابتُدِئ ﵊ بالرُّؤيا؛ لئلَّا يفجأه الملك ويأتيه بصريح النُّبوَّة بغتةً، فلا تحتمل القوى البشريَّة، فبُدِئَ بأوائل خصال النُّبوَّة (ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلَاءُ) بالمدِّ، مصدرٌ بمعنى: الخَلْوة، أي: الاختلاء، وهو بالرَّفع نائبٌ عن الفاعل، وعبَّر بـ «حُبِّب» المبنيِّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ لعدم تحقُّق الباعث على