للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حِرَا وقُبَا ذكِّر وأنِّثْهما معًا … ومُدَّ أو اقصر واصرفن وامنع الصَّرفا

و «حراء»: جبلٌ بينه وبين مكَّة نحو ثلاثة أميالٍ، على يسار الذَّاهب إلى مِنًى، والغار نقبٌ (١) فيه (فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ) بالحاء المُهملَة وآخره مُثلَّثة، والضَّمير المنفصل عائدٌ إلى مصدر «يتحنَّث»، وهو من الأفعال التي معناها السَّلب، أي: اجتناب فاعلها لمصدرها؛ مثل: تأثَّم وتحوَّب؛ إذا اجتنب الإثم والحوب، أو هي بمعنى: يتحنَّف -بالفاء- أي: يتَّبع الحنيفيَّة دين إبراهيم، والفاء تُبدَل ثاءً (-وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ) مع أيَّامهنَّ، واقتصر عليهنَّ للتَّغليب؛ لأنَّهنَّ أنسب للخلوة. ووصف اللَّيالي بذوات العدد لإرادة التَّقليل؛ كما في قوله تعالى: ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠] أو للكثرة لاحتياجها إلى العدد، وهو المناسب للمقام، وهذا التَّفسير للزُّهريِّ أدرجه في الخبر، كما جزم به الطِّيبيُّ. ورواية المصنِّف من طريق يونس عنه في «التَّفسير» تدلُّ على الإدراج [خ¦٤٩٥٣] و «اللَّيالي»: نُصِبَ على الظَّرفيَّة، متعلِّقٌ بقوله: «يتحنَّث» لا بالتَّعبُّد؛ لأنَّ التَّعبُّد لا يُشتَرط فيه اللَّيالي، بل مُطلَق (٢) التَّعبُّد. و «ذوات» نُصِبَ بالكسرة في صفة «الليالي»، وأُبهِم العدد لاختلافه بالنِّسبة إلى المُدَد التي يتخلَّلها مجيئه إلى أهله، وأقلُّ الخلوة ثلاثة أيَّامٍ. وتأمَّل ما للثَّلاثة في كلِّ مثلَّثٍ من التَّكفير والتَّطهير والتَّنوير، ثمَّ سبعة أيَّامٍ، ثمَّ شهرٍ؛ لما عند المؤلِّف و «مسلمٍ»: «جاورت بحراء شهرًا» [خ¦٤٩٢٢] وعند ابن إسحاق أنَّه شهر


(١) في (م): «ثقب».
(٢) في غير (د) و (س): «مطلب».

<<  <  ج: ص:  >  >>