للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْهُمَا) أي: من الحجِّ والعمرة لأنَّ القارن يعمل عملًا واحدًا كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى. قالت عائشة: (فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا (١)) أي: بعد أن طهرت وطفت (أَرْسَلَنِي مَعَ) أخي (عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ) أدنى الحلِّ إلى الحرم، وإنَّما أرسلها إلى التَّنعيم لأنَّ العمرة كالحجِّ، لا بدَّ أن يجمع فيها بين الحلِّ والحرم (فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ : هَذِهِ) العمرة (مَكَانَ عُمْرَتِكِ) بنصب «مكانَ» على الظَّرفيَّة، أي: بدل عمرتك التي أردت أن تأتي بها مفردةً، لا أنَّها قضاءٌ عن التي كانت أحرمت بها (فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ) وحدها متمتِّعين وسعوا (ثُمَّ حَلُّوا) لم يفرِّق بين من معه الهدي ومن ليس معه، وقال أبو حنيفة: من كان معه الهدي لا يحلُّ من عمرته، ويبقى على إحرامه حتَّى يحجَّ وينحر هديه يوم النَّحر (ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ) للحجِّ (بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ) وهم الذين كان معهم الهدي (طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا) بغير فاءٍ في «طافوا» الذي هو جواب «أمَّا»، لكن صرَّح النُّحاة بلزوم إثباتها فيه نحو قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٢٦] إلَّا في ضرورة الشَّعر كقوله:

فأمَّا القتالُ لا قتالَ لديكم … ولكنَّ سيرًا في عِراض المواكبِ

وأمَّا حذفها في (٢) قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم﴾ [آل عمران: ١٠٦] فالأصل: فيُقال لهم: أكفرتم، فحذف القول استغناءً عنه (٣) بالمقول، فتبعته الفاء في الحذف، ورُبَّ شيءٍ يصحُّ تبعًا ولا يصحُّ استقلالًا كالحاجِّ عن غيره يصلِّي عنه ركعتي الطَّواف، ولو صلَّى أحدٌ عن غيره ابتداءً (٤) لم يصحَّ على الصَّحيح، قاله ابن هشامٍ. وتَلخَّص منه: أنَّ الفاء لا تُحذَف في غير الضَّرورة إلَّا مع القول، وعُورِض بأنَّه ثبت في «الصَّحيح» [خ¦٢١٦٨]: أنَّه قال: «أمَّا بعد، ما بال رجالٍ يشترطون شروطًا؟» وأُجيب بأنَّه يجوز أن يكون هذا الحديث ممَّا حُذِف فيه الفاء تبعًا للقول،


(١) في (م): «الحجَّ».
(٢) في (د) و (ص): «من».
(٣) «عنه»: ليس في (ص).
(٤) في (د): «ابتداءً عن غيره».

<<  <  ج: ص:  >  >>