عبيد بن عمير عن ابن إسحاق:«ماذا أقرأ؟» وبأنَّ الأخفش جوَّز دخول «الباء» على الخبر المُثبَت، قال ابن مالكٍ في «بحسبك زيدٌ»: إنَّ «زيد» مبتدأٌ مؤخَّرٌ؛ لأنَّه معرفةٌ، و «حسبك»: خبرٌ مقدَّمٌ؛ لأنَّه نكرةٌ، و «الباء» زائدةٌ فيه، وفي مُرسَل عبيد بن عميرٍ: أنَّه ﵊ قال: «أتاني جبريل بنمطٍ من ديباجٍ فيه كتابٌ، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئٍ»، قال السُّهيليُّ: وقال بعض المفسِّرين: إنَّ قوله تعالى: ﴿الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ١ - ٢] إشارةٌ إلى الكتاب الذي جاء به جبريل ﵇ حين قال له: اقرأ (قَالَ)﵊: (فَأَخَذَنِي) جبريل (فَغَطَّنِي) بالغين المُعجَمة ثُمَّ المُهملَة، أي: ضمَّني وعصرني، وعند الطَّبريِّ (١): «فغتَّني» بالمثنَّاة الفوقيَّة بدل الطَّاء؛ وهو: حبس النَّفس (حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ) بفتح الجيم ونصب الدَّال، أي: بلغ الغطُّ مني الجهد، أي: غاية وُسْعي، فهو مفعولٌ حُذِفَ فاعله، وفي «شرح المشكاة»: أنَّ المعنى على النَّصب أنَّ جبريل بلغ في الجهد غايته، وتعقَّبه التُّوربشتيُّ: بأنَّه يعود المعنى إلى أنَّ جبريل غطَّه حتَّى استفرغ قوَّته، وجهد جهده؛ بحيث لم تبقَ فيه بقيَّةٌ، قال: وهذا قولٌ غير سديدٍ، فإنَّ البنية البشريَّة لا تستدعي استنفاد القُوَّة المَلَكيَّة، لا سيَّما في مبدأ الأمر، وقد دلَّت القصَّة على أنَّه اشمأزَّ من ذلك وداخله الرُّعب، وحينئذٍ فمن رواه بالنَّصب فقد وهم، وأجاب الطِّيبيُّ: بأنَّ جبريل ﵊ في حال الغطِّ لم يكن على صورته الحقيقيَّة التي تجلَّى له بها عند سدرة المنتهى، فيكون استفراغ جهده بحسب الصُّورة التي تجلَّى له بها وغطَّه، وحينئذٍ فيضمحلُّ الاستبعاد. انتهى، ويُروَى:«الجُهْدُ» بالضَّمِّ والرَّفع، أي: بلغ منِّي الجهد مبلغه،