للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد تبيَّن (١) أنَّ الحكمة في التَّعبير بذلك في الآية: مطابقة جواب السَّائلين لأنَّهم توهَّموا من كونهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهليَّة أنَّه يستمرُّ في الإسلام، فخرج الجواب مطابقًا لسؤالهم، وأمَّا الوجوب فيُستفاد من دليلٍ آخر، وقد يكون الفعل واجبًا ويعتقد المعتقد أنَّه منع من إيقاعه على صفةٍ مخصوصةٍ كمن عليه صلاة ظهرٍ مثلًا فظنَّ أنَّه لا يجوز فعلها عند الغروب، فسأل فقِيلَ في جوابه: لا جناح عليك إنْ صلَّيتها في هذا الوقت، فالجواب صحيحٌ ولا يستلزم ذلك الوجوب، ولا يلزم من نفي الإثم عن الفاعل نفي الإثم عن التَّارك، فلو كان المراد مطلق الإباحة لنُفِيَ الإثم عن التَّارك.

(قَالَتْ عَائِشَةُ : وَقَدْ سَنَّ) أي: فرض (رَسُولُ اللهِ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا) أي (٢): بين الصَّفا والمروة بالسُّنَّة، وليس المراد نفي فرضيَّتهما، ويؤيِّده ما في «مسلمٍ» من حديثها (٣): «ولعمري ما أتمَّ الله حجَّ من لم يطف بين الصَّفا والمروة» واستدلَّ البيهقيُّ وابن عبد البرِّ والنَّوويُّ وغيرهم على ذلك أيضًا بكونه كان يسعى بينهما في حجِّه (٤) وعمرته، وقال: «خذوا عنِّي مناسككم» (فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا) وهو ركنٌ عند الشَّافعيَّة والمالكيَّة والحنابلة. وقال الحنفيَّة: واجبٌ يصحُّ الحجُّ بدونه ويُجبَر بدمٍ، قال الزُّهريُّ: (ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن الحارث بن هشامٍ بذلك (فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ) بفتح اللَّام وهي المؤكِّدة، وبالتَّنوين على أنَّه الخبر، وللحَمُّويي والمُستملي: «إنَّ هذا العلمَ» بالنَّصب، صفةٌ لـ «هذا» أي: إنَّ هذا هو العلم (مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ) خبرٌ لـ «إنَّ»، و «كنت»: بلفظ المتكلِّم، و «ما» نافيةٌ، وعلى الرِّواية الأولى -وهي للكُشْمِيْهَنِيِّ- «لعلمٌ»: خبر «إنَّ»، وكلمة «ما»: موصولةٌ،


(١) في (د): «بيَّن».
(٢) «أي»: ليس في (د).
(٣) في (ص): «حديثهما».
(٤) في (د): «حجَّته».

<<  <  ج: ص:  >  >>