عن النَّكرة؛ لأنَّ إضافة «مخرجيَّ» غير محضةٍ لأنَّها لفظيَّةٌ لأنَّه اسم فاعلٍ بمعنى: الاستقبال، والهمزة للاستفهام الإنكاريِّ؛ لأنَّه اَسْتَبعد إخراجه من الوطن -لا سيَّما حَرَمُ الله وبلد أبيه إسماعيل- من غير سببٍ يقتضي ذلك، فإنه ﷺ كان جامعًا لأنواع المحاسن المقتضية لإكرامه، وإنزاله منهم محلَّ الرُّوح من الجسد، فإن قلت: الأصل أن يُجاء بالهمزة بعد العاطف؛ نحو: ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [الأنعام: ٩٥] و ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ [التكوير: ٢٦] وحينئذٍ ينبغي أن يقول هنا: وأمخرجيَّ؟! لأنَّ العاطف لا يتقدَّم عليه جزءٌ ممَّا عطف. أُجِيب: بأنَّ الهمزة خُصَّت بتقديمها على العاطف؛ تنبيهًا على أصالتها في أدوات الاستفهام، وهو له الصَّدر؛ نحو: ﴿وَلَمْ يَنظُرُوا﴾ [الأعراف: ١٨٥]؟! ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ﴾ [يوسف: ١٠٩]؟! هذا مذهب سيبويه والجمهور. وقال جار الله وجماعةٌ: إنَّ الهمزة في محلِّها الأصليِّ، وإنَّ العطف على جملةٍ مقدَّرةٍ بينها وبين العاطف، والتَّقدير: أمعاديَّ هم ومخرجيَّ هم؟! وإذا دعت الحاجة لمثل هذا التَّقدير؛ فلا يُستنكَر، فإن قُلْتَ: كيف عطف قوله: «أو مخرجيَّ هم؟!» -وهو إنشاءٌ- على قول ورقة:«إذ يخرجك قومك» وهو خبرٌ، وعطف الإنشاء على الخبر لا يجوز، وأيضًا فهو عطف جملةٍ على جملةٍ، والمتكلِّم مختلفٌ؟ أُجِيب: بأنَّ القول بأنَّ عطف الإنشاء على الخبر لا يجوز إنَّما هو رأي أهل البيان، والأصحُّ عند أهل العربيَّة جوازه، وأمَّا أهل البيان فيقدِّرون في مثل ذلك جملةً بين الهمزة والواو، وهي المعطوف عليها، فالتَّركيب سائغٌ عند الفريقين، أمَّا المجوِّزون لعطف الإنشاء على الخبر فواضحٌ، وأمَّا المانعون فعلى التَّقدير المذكور. وقال بعضهم: يصحُّ أن تكون جملة الاستفهام معطوفةً على جملة التَّمنِّي في قوله: «ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك» بل هذا هو الظَّاهر، فيكون المعطوف عليه أوَّل الجملة لا آخرها الذي هو ظرفٌ متعلِّقٌ بها، والتَّمنِّي إنشاءٌ، فهو من عطف الإنشاء على الإنشاء، وأمَّا العطف على جملةٍ في كلام الغير فسائغٌ معروفٌ في القرآن العظيم والكلام الفصيح، قال تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى