للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بدليل رواية يحيى بن سعيدٍ القطَّان، وكأنَّه كان في أكثر أحواله يجزم بوصله بدليل رواية الجماعة. انتهى.

وفي الحديث: دليلٌ على وجوب المبيت ليالي أيَّام التَّشريق بمنًى لأنَّه رخَّص للعبَّاس في ترك المبيت لأجل سقايته، فدلَّ على أنَّه لا يجوز لغيره لأنَّ التَّعبير بالرُّخصة يقتضي أنَّ مقابلها عزيمةٌ، وأنَّ الإذن وقع للعلَّة المذكورة، وإذا لم توجد العلَّة المذكورة أو ما في معناها لم يحصل الإذن، وهذا مذهب الشَّافعيَّة، وقال به من الحنابلة صاحب «الرِّعايتين» و «الحاويين» والمراد: مبيت (١) معظم اللَّيل كما لو حلف لا يبيت بمكانٍ لا يحنث إلَّا بمبيته معظم اللَّيل، وإنَّما اكتفى بساعةٍ في نصفه الثَّاني بمزدلفة -كما سبق- لأنَّ نصَّ الشَّافعيِّ وقع فيها بخصوصها إذ بقيَّة المناسك يدخل وقتها بالنِّصف، وهي كثيرةٌ مُشِقَّةٌ (٢)، فسُومِح (٣) في التَّخفيف لأجلها، وفي قول الشَّافعيِّ (٤) وروايةٍ عن أحمد (٥): قال المرداويُّ: وهو الصَّحيح من المذهب، وقطع به ابن أبي موسى في «الإرشاد»، والقاضي في «الخلاف»، وابن عقيلٍ في «الفصول»، وأبو الخطَّاب في «الهداية»، وهو مذهب الحنفيَّة: أنَّه سنَّةٌ، واستدلُّوا بأنَّه لو كان واجبًا لما رخَّص للعبَّاس فيه، ووجوب الدَّم بتركه مبنيٌّ على هذا الخلاف، فيجب بتركه دمٌ عند الشَّافعيَّة كنظيره في ترك مبيت مزدلفة (٦)، وفي ترك مبيت اللَّيلة الواحدة من ليالي منًى يجب مُدٌّ، واللَّيلتين مُدَّان من الطَّعام، وفي ترك الثَّلاث مع ليلة مزدلفة دمان لاختلاف المبيتين مكانًا، ويسقط المبيت بمنًى ومزدلفة والدَّم عن أهل السِّقاية، سواءٌ كانوا من آل العبَّاس أم من غيرهم مطلقًا، سواءٌ أخرجوا قبل الغروب أو بعده، ولو كانت السِّقاية مُحدَثةً كما صحَّحه النَّوويُّ ونقله الرَّافعيُّ عن البغويِّ، ونُقِل المنعُ عن ابن كجٍّ، قال في «المهمَّات»: والصَّحيح: المنع، فقد نقله صاحبا «الحاوي» و «البحر» وغيرهما عن نصِّ الشَّافعيِّ، وهو


(١) «مبيت»: ليس في (د).
(٢) في (ب) و (س): «المشقَّة».
(٣) في (د): «فسُوِّغ».
(٤) في (د) و (س): «للشَّافعيِّ».
(٥) في (د): «وروايةٍ لأحمد».
(٦) في (ص): «المبيت بمزدلفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>