للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ) وفسَّره غيره: ببيان ما أشكل عليك من معانيه، قال: وهو دليلٌ على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، أي: لكن لا عن وقت الحاجة (١). انتهى، وهو الصَّحيح عند الأصوليِّين، ونصَّ عليه الشَّافعيُّ؛ لما تقتضيه «ثمَّ» من التَّراخي، وأوَّل من استدلَّ لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكرٍ بن الطَّيِّب، وتبعوه، وهذا لا يتمُّ إلَّا على تأويل البيان بتبيين المعنى، وإلَّا فإذا حُمِلَ على أنَّ المراد استمرار حفظه له بظهوره على لسانه فلا، قال الآمديُّ: يجوز أن يُراد بالبيان الإظهار، لا بيان المُجمَل، يُقال: بَانَ الكوكبُ إذا ظَهَرَ، قال: ويؤيِّد ذلك أنَّ المراد جميع القرآن، والمُجمَل إنَّما هو بعضه، ولا اختصاص لبعضه بالأمر المذكور دون بعضٍ، وقال أبو الحسين (٢) البصريُّ: يجوز أن يُراد البيانُ التَّفصيليُّ، ولا يلزم منه جواز تأخير البيان الإجماليِّ، فلا يتمُّ الاستدلال. وتُعقِّب: باحتمال إرادة المعنيين الإظهار والتَّفصيل وغير ذلك؛ لأنَّ قوله: ﴿بَيَانَهُ﴾ جنسٌ مضافٌ فيعمُّ جميع أصنافه؛ من إظهاره وتبيين أحكامه، وما يتعلَّق بها من تخصيصٍ وتقييدٍ ونسخٍ وغير ذلك، وهذه الآية كقوله تعالى في سورة طه: ﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ [طه: ١١٤] فنهاه عن الاستعجال في تلقِّي الوحي من الملَك ومساوقته في القرآن حتَّى يتمّ وحيه (فَكَانَ رَسُولُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ) ملك الوحي المُفضَّل به على سائر الملائكة (اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ) (قَرَأَ النَّبِيُّ كَمَا قَرَأَ) ولغير أبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر: «قرأه» بضمير المفعول، أي: القرآن، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَني:


(١) قوله: «أي: لكن لا عن وقت الحاجة» سقط من (م).
(٢) في (د): «الحسن».

<<  <  ج: ص:  >  >>