للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: «دخلت العمرة في الحجِّ» مرَّتين «لا، بل للأبد أبدًا (١)» ومعناه كما قال النَّوويُّ: عند الجمهور: أنَّ العمرة يجوز فعلها في أشهر الحجِّ إبطالًا لما كان عليه أهل الجاهليَّة، وقيل: معناه: جواز فسخ الحجِّ إلى العمرة، قال: وهو ضعيفٌ، وتُعقِّب بأنَّ سياق السُّؤال يقوِّي هذا التَّأويل، بل الظَّاهر أنَّ السُّؤال وقع عن الفسخ، وهو مذهب الحنابلة، بل قال المرداويُّ في كتابه «الإنصاف في معرفة الرَّاجح من الخلاف» وهو شرح «المقنع» لشيخ الإسلام مُوفَّق الدِّين بن قدامة: إنَّ فسخ القارن والمفرد حجَّهما إلى العمرة مُستحَبٌّ بشرطه، نصَّ عليه، وعليه الأصحاب قاطبةً، قال: وهو من مفردات المذهب، لكنَّ المصنِّف -أي: ابن قدامة- هنا ذكر الفسخ بعد الطَّواف والسَّعي، وقطع به الخرقيُّ، وقدَّمه (٢) الزَّركشيُّ وقال: هذا ظاهر الأحاديث، وعن ابن عقيلٍ: الطَّواف بنيَّة العمرة هو الفسخ، وبه حصل رفض الإحرام لا غير، قال: فهذا تحقيق فسخ الحجِّ وما ينفسخ به، وقال في «الكافي»: يُسَنُّ لهما إذا لم يكن معهما هديٌ أن يفسخا نيَّتهما بالحجِّ وينويا عمرةً مفردةً، ويحلَّا من إحرامهما بطوافٍ وسعيٍ وتقصيرٍ؛ ليصيرا متمتِّعين، وقال في «الانتصار» (٣): لو ادَّعى مُدٍَّع وجوب الفسخ؛ لم يبعد، وقال الشَّيخ تقيُّ الدِّين: يجب على من اعتقد عدم مساغه أن يعتقده (٤)، ولو ساق هديًا فهو على إحرامه، لا يصحُّ فسخه الحجَّ إلى العمرة على الصَّحيح عندهم، وحيث صحَّ الفسخ لزم (٥) دمٌ على الصَّحيح من مذهبهم، نصَّ عليه، وعليه أكثر (٦) الأصحاب. انتهى. وقال بعض الحنابلة: نحن نُشهِد الله أنَّا لو أحرمنا بحجٍّ لرأينا فرضًا فسخه إلى عمرةٍ؛ تفاديًا من غضب رسول الله ؛ وذلك أنَ في «السُّنن» عن البراء بن عازبٍ: خرج رسول الله وأصحابه، فأحرمنا بالحجِّ، فلمَّا قدمنا مكَّة قال: «اجعلوها عمرةً»، فقال النَّاس: يا رسول الله قد أحرمنا بالحجِّ، فكيف نجعلها عمرةً؟ قال: «انظروا ما آمركم به،


(١) في (م): «لأبد الأبد»، وفي (ج): «لا، بل للأبد».
(٢) في (ج): «وتقدمه».
(٣) في (ص): «الانتصاف»، ولعلَّه تحريفٌ.
(٤) «أن يعتقده»: ليس في (ص) و (م).
(٥) في (د): «لزمه».
(٦) في (د): «وعليه الأكثرون من».

<<  <  ج: ص:  >  >>