للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أنَّ العامد والنَّاسي سواءٌ في وجوب الجزاء عليه، فالقرآن دلَّ على وجوب الجزاء على المتعمِّد وعلى تأثيمه بقوله تعالى: ﴿لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٩٥] وجاءت السُّنَّة من (١) أحكام النَّبيِّ وأصحابه بوجوب الجزاء في الخطأ كما دلَّ الكتاب عليه في العمد، وأيضًا: فإنَّ قتل الصَّيد إتلافٌ، والإتلاف مضمونٌ في العمد والنِّسيان، لكنَّ المتعمِّد مأثومٌ والمخطئ غير مأثومٍ (٢)، وهذه المماثلة باعتبار الخلقة والهيئة عند مالكٍ والشَّافعيِّ، والقيمة عند أبي حنيفة (﴿يَحْكُمُ بِهِ﴾) أي: بالجزاء (﴿ذَوَا عَدْلٍ﴾) رجلان صالحان، فإنَّ الأنواع تتشابه؛ ففي النَّعامة بدنةٌ وفي حمار الوحش بقرةٌ (﴿مِّنكُمْ﴾) من المسلمين (﴿هَدْيًا﴾) حالٌ من ضمير «به» (﴿بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾) صفةُ «هديًا»، والإضافة لفظيَّةٌ، أي: واصلًا إليه بأن يذبح فيه ويتصدَّق به (﴿أَوْ كَفَّارَةٌ﴾) عُطف على: «جزاء» (﴿طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾) بدلٌ (٣) منه، أو تقديره: هي طعامُ، وقرأ نافعٌ وابن عامر وأبو جعفر: ﴿كَفَّارَةٌ﴾ بغير تنوينٍ ﴿طَعَامُ﴾ بالخفض على الإضافة لأنَّ الكفَّارة لمَّا تنوعَّت إلى تكفيرٍ بالطَّعام وتكفيرٍ بالجزاء المماثل وتكفيرٍ بالصِّيام حَسُن إضافتها لأحد أنواعها تبيينًا لذلك، والإضافة تكون لأدنى (٤) ملابسةٍ، ولا خلاف في جمع «مساكين» هنا لأنَّه لا يُطعَم في قتل الصَّيد مسكينٌ واحدٌ، بل جماعة مساكين، وإنَّما اختلفوا في موضع البقرة لأنَّ التَّوحيد يُراد به عن كلِّ يومٍ، والجمع يُراد به عن أيَّامٍ كثيرةٍ (﴿أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾) أي: أو ما ساواه من الصَّوم، فيصوم عن طعام كلِّ مسكينٍ يومًا، وهو في الأصل مصدرٌ أُطلِق للمفعول (﴿لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ﴾) ثقل أمره وجزاء معصيته، أي: أوجبنا ذلك ليذوقه (٥) (﴿عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف﴾) قبل التَّحريم (﴿وَمَنْ عَادَ﴾) إلى مثل هذا (﴿فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ﴾) في الآخرة؛ أي (٦): فهو ينتقم الله منه، وعليه مع (٧) ذلك الكفَّارة (﴿وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾) على المُصِرِّ بالمعاصي (﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾) ممَّا


(١) في (د): «في».
(٢) في غير (ب) و (س): «ملومٍ».
(٣) في (د): «بدلًا».
(٤) في (د): «بأدنى».
(٥) في غير (د): «ليذوق».
(٦) «أي»: ليس في (د).
(٧) في (د): «في».

<<  <  ج: ص:  >  >>