للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: لا نسلِّم أنَّه من المجاز؛ فإنَّ المجاز لا بدَّ له من علاقةٍ، وما العلاقة ههنا (١)؟ وكون الحجِّ في الأصل قصدًا لا يكون علاقةً لجواز ذكر الحجِّ وإرادة العمرة، فإنَّ كلَّ فعلٍ مطلقًا لا بدَّ فيه من معنى القصد، وقد شك أبو عَوانة، والشَّكُّ لا يثبت ما ادَّعاه من المجاز. انتهى. فلعلَّ الرَّاوي أراد: خرج محرمًا، فعبَّر عن الإحرام بالحجِّ غلطًا؛ كما قاله الإسماعيليُّ.

(فَخَرَجُوا مَعَهُ) حتَّى بلغوا الرَّوحاء، وهي من ذي الحليفة على أربعةٍ وثلاثين ميلًا، فأخبروه أنَّ عدوًّا من المشركين بوادي غَيْقَةَ يخشى منهم أن يقصدوا غزوه (فَصَرَفَ) (طَائِفَةً مِنْهُمْ) بنصب: «طائفة» مفعولٌ به، والطَّائفة من الشَّيء: القطعة منه، قال تعالى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢] قال ابن عبَّاسٍ: الواحد فما فوقه، وقد استدلَّ الإمام فخر الدِّين ومن تبعه من الأصوليِّين على وجوب العمل بخبر الواحد لقوله (٢) تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] قالوا: فإنَّ الفرقة تُطلَق على ثلاثةٍ، والطَّائفة: إمَّا واحدٌ أو اثنان، واستشكل بعضهم إطلاق الطَّائفة على الواحد لبعده عن الذِّهن (فِيهِمْ) أي: في الذين صرفهم (أَبُو قَتَادَةَ) الأصل أن يقول: وأنا فيهم، فهو من باب التَّجريد، لا يُقال: إنَّه من قول ابن أبي قتادة لأنَّه حينئذٍ يكون الحديث مرسلًا (فَقَالَ) : (خُذُوا سَاحِلَ البَحْرِ) أي: شاطئه، قال في القاموس: مقلوبٌ لأنَّ الماءَ سَحَلَهُ، وكان القياس: مسحولًا، أو معناه: ذو ساحلٍ من الماء إذا ارتفع المَدُّ ثمَّ جَزَرَ فَجَرَفَ ما عليه (حَتَّى نَلْتَقِيَ، فَأَخَذُوا سَاحِلَ البَحْرِ) لكشف أمر العدوِّ (فَلَمَّا انْصَرَفُوا) من السَّاحل بعد أن أمنوا من العدوِّ، وكانوا قد (أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ) من الميقات (إِلَّا أَبُو قَتَادَةَ) بالرَّفع مبتدأٌ خبره (لَمْ يُحْرِمْ) و «إلَّا» بمعنى لكن، وهي من الجمل التي لها محلٌّ من الإعراب، وهي المستثناة؛ نحو: ﴿لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ. إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ. فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ﴾ (٣) [الغاشية: ٢٢ - ٢٤] قال ابن خروفٍ: «مَنْ»: مبتدأٌ، و «يعذِّبه الله»: الخبر، والجملة في موضع نصبٍ على الاستثناء المنقطع، قال في «التَّوضيح»: وهذا ممَّا أغفلوه، ولا يعرف أكثر المتأخِّرين


(١) في (ب) و (س): «هنا».
(٢) في (ب) و (س): «بقوله».
(٣) «العذاب الأكبر»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>