من البصريِّين في هذا النَّوع -وهو المستثنى بـ «إلَّا» من كلامٍ تامٍّ (١) موجبٍ-إلَّا النَّصب، قال: وللكوفيِّين في مثله مذهبٌ آخر؛ وهو أنَّ «إلَّا» حرف عطفٍ، وما بعدها عُطِف على ما قبلها، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ:«إلَّا أبا قتادة» بالنَّصب، وهو واضحٌ.
(فَبَيْنَمَا هُمْ) بالميم قبل الألف (يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ) بضمِّ الحاء والميم، جمع حمارٍ، وفي نسخةٍ:«حمارَ وحشٍ»(فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الحُمُرِ) بضمَّتين أيضًا، جمع حمارٍ (فَعَقَرَ مِنْهَا) أي: قتل من الحمر المرئيَّة (أَتَانًا) أنثى، وجمع الحُمُر هنا لا ينافي الرِّواية الأخرى بالإفراد لجواز أنَّهم رأوا حمرًا وفيهم واحدٌ أقرب من غيره لاصطياده، لكنَّ قوله هنا:«أتانًا» ينافي قوله: «حمارًا» في الأخرى [خ¦١٨٢٣] وقد يُجاب: بأنَّه أطلق الحمار على الأنثى مجازًا، أو أنَّه يُطلَق على الذَّكر والأنثى (فَنَزَلُوا) عن مركوبهم (فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا) أي: الأتان (وَقَالُوا) بواو العطف، ولأبي الوقت:«فقالوا» بفائه، بعد أن أكلوا من لحمها:(أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟) الواو للحال، قال أبو قتادة:(فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الأَتَانِ) وعند المؤلِّف في «الهبة»[خ¦٢٥٧٠] من رواية أبي حازمٍ: «فَرُحنا، وخبَّأت العضد معي»(فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالُوا) ولأبي الوقت: «فقالوا»: (يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ) جمع حمارٍ (فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، ثُمَّ قُلْنَا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، قَالَ) بغير فاءٍ: (أمِنْكُمْ) بهمزة الاستفهام لأبي ذرٍّ، وفي رواية ابن عساكر:«منكم» بإسقاطها (أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ