للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا المعنى كالصَّريح في نفي كون الاصطياد للمحرم مانعًا، فيعارض حديث جابرٍ ويُقدَّم عليه لقوَّة ثبوته؛ إذ هو في «الصَّحيحين» وغيرهما من الكتب السِّتَّة، بل في حديث جابرٍ: «لحم الصَّيد … » إلى آخره انقطاعٌ، لأنَّ المطَّلب بن حَنْطَبٍ لم يسمع من جابرٍ عند غير واحدٍ، وكذا في رجاله مَنْ فيه لِينٌ. انتهى. ولا جزاء عليه بدلالةٍ ولا بإعانةٍ ولا بأكله (١) ما صِيد له عند الشَّافعيَّة لأنَّ الجزاء تعلَّق بالقتل، والدَّلالة ليست بقتلٍ، فأشبهت دلالة الحلال حلالًا، وقال (٢) الحنفيَّة: إذا قتل المحرم صيدًا أو دلَّ عليه من قتله فعليه الجزاء، أمَّا القتل فلقوله تعالى: ﴿لَا تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ﴾ … الآيةَ [المائدة: ٩٥]، وأمَّا الدَّلالة فلحديث أبي قتادة، قال العلَّامة ابن الهمام: وليس في حديث أبي قتادة: «هل دللتم؟» بل قال : «هل منكم (٣) أحدٌ أمره أن يَحْمِل عليها أو أشار إليها؟» قالوا: لا، قال: «فكلوا ما بقي». وجه الاستدلال به على هذا أنَّه علَّق الحلَّ على عدم الإشارة، وهي تحصُّل الدَّلالة بغير اللِّسان، فأحرى ألَّا يحلَّ إذا دلَّه باللَّفظ فقال: هناك صيدٌ ونحوه، قالوا: الثَّابت بالحديث حرمة اللَّحم على المحرم إذا دلَّ، قلنا: فثبت أنَّ الدَّلالة من محظورات الإحرام بطريق الالتزام لحرمة اللَّحم، فيثبت (٤) أنَّه محظور إحرامٍ هو جنايةٌ على الصَّيد، فنقول (٥) حينئذٍ: جنايةٌ على الصَّيد بتفويت الأمن على وجهٍ اتَّصل قتله عنها، ففيه الجزاء كالقتل، وهذا هو القياس، ولا يحسن عطفه على الحديث لأنَّ الحديث لم يثبِت الحكمَ المُتنازَع فيه -وهو وجوب الكفَّارة- بل محلَّ الحكم، ثمَّ (٦) ثبوت الوجوب المذكور في المحلِّ إنَّما هو بالقياس على القتل. انتهى. وقال المالكيَّة: إن صِيد لأجل المحرم فعلم به وأكل عليه الجزاء لا في أكلها (٧)، وقال الحنابلة: إن أكله كلَّه فعليه


(١) في (د): «بأكل».
(٢) في (ص) و (م): «قالت».
(٣) زيد في (د): «من».
(٤) في (ب) و (س): «فثبت».
(٥) في (د): «فيكون».
(٦) «ثمَّ»: ليس في (د).
(٧) قال الشيخ قطة : قوله: «لا في أكلها» الضمير راجع إلى الميتة، وهي غير مذكورة في عبارته، بل في عبارة الشيخ خليل ونصه: «وما صاده محرمٌ أو صِيد له ميتة كبيضه، وفيه الجزاء إن عَلِمَ وأكل، لا في أكلها»، وقوله: «وفيه» أي: فيما صِيد للمحرم معينًا أم لا، وقوله: «إن عَلِمَ» أي: أنه صيد لمحرم ولو غيره، وقوله: «لا في أكلها» أي: لا جزاء على الآكل في أكلها، أي: أكل ميتة الصيد التي ترتب جزاؤها على صائدها المحرم أو في الحرم، سواء كان الآكل منها الصائدُ أو غيره، إذ لا يتعدد الجزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>