للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الإنسان والرَّأس، فإنَّه لا إنسان دونهما بخلاف نحو: الرِّجل والظُّفر، وأمَّا إطلاق العين على الرَّقيب (١) فليس من حيث هو إنسانٌ، بل من حيث هو رقيبٌ، وهو من هذه الحيثيَّة لا يتحقَّق بلا عينٍ على ما عُرِف في التَّحقيقات، أو هو أحد معاني المشترك اللَّفظيِّ؛ كما عدَّه الأكثر منها، ثمَّ إنَّ في هذا الحمل ترجيحًا للأكثر، أو يُحكَم بغلط رواية الباب بناءً على أنَّ الرَّاوي رجع عنها تبيينًا لغلطه، قال الحميديُّ: كان سفيان -أي: ابن عيينة- يقول في هذا الحديث: أهديت (٢) لرسول الله لحم حمار وحشٍ، وربَّما قال: يقطر دمًا، وربَّما لم يقل ذلك، وكان فيما خلا قال: حمار وحشٍ، ثمَّ صار إلى لحم حمار وحشٍ، حتَّى مات، وهذا يدلُّ على رجوعه وثباته على ما رجع إليه، والظَّاهر: أنَّه لتبيينه غلطه أوَّلًا، وقال البيهقيُّ في «المعرفة» ممَّا قرأته فيها -بعد أن ذكر من رواه عن الزُّهريِّ نحو ما سبق-: وكان ابن عيينة يضطرب فيه، فرواية العدد الذين لم يشكُّوا فيه أَولى، وقال الشَّافعيُّ في «الأمِّ»: حديث مالكٍ: أنَّ الصَّعب أهدى حمارًا، أثبت من حديث مَنْ (٣) روى: أنَّه أُهدِي له لحم حمارٍ (٤)، وقال التِّرمذيُّ: روى بعض أصحاب الزُّهريِّ في حديث الصَّعب: لحم حمار وحشٍ، وهو غير محفوظٍ. انتهى. يعني (٥): فيكون ردَّه؛ لامتناع تملُّك المحرم الصَّيد، وعُورِض بأنَّ الرِّوايات كلَّها تدلُّ على البعضيَّة، كما مرَّ.

(وَهْوَ) أي: والحال أنَّه (بِالأَبْوَاءِ) بفتح الهمزة وسكون المُوحَّدة، ممدودًا: جبلٌ من عمل الفُرْع -بضمِّ الفاء وسكون الرَّاء- بينه وبين الجحفة ممَّا يلي المدينة ثلاثةٌ وعشرون ميلًا، وسُمِّي بذلك لما فيه من الوباء، قاله في «المطالع»، ولو كان كما قيل لقيل: الأوباء، أو هو مقلوبٌ عنه (٦)، والأقرب: أنَّه سُمِّي به لِتَبَوُّءِ السُّيولِ به (أَوْ بِوَدَّانَ) بفتح الواو وتشديد الدَّال المهملة، آخره نونٌ: موضعٌ بقرب الجحفة، أو قريةٌ جامعةٌ من ناحية الفُرْع، وَوَدَّان أقرب إلى


(١) في (د) و (ج) و (ص): «الرَّقَبة». وهو تحريف.
(٢) في (ب) و (س): «أهدى».
(٣) «من»: ليس في (م).
(٤) قوله: «وقال الشَّافعيُّ في الأمِّ: حديث مالكٍ … أنَّه أُهدِي له لحم حمارٍ»، جاء في (ص) و (م) بقوله: «محفوظٍ. انتهى» الآتي.
(٥) «يعني»: مثبتٌ من (ص) و (م).
(٦) في (د): «منه».

<<  <  ج: ص:  >  >>