للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجحفة من الأبواء، فإنَّ من الأبواء إلى الجحفة للآتي من المدينة ثلاثةً وعشرين (١) ميلًا، ومن ودَّان إلى الجحفة ثمانية أميالٍ، والشَّكُّ من الرَّاوي، لكن جزم ابن إسحاق وصالح بن كيسان عن الزُّهريِّ: بودَّان، وجزم معمرٌ وعبد الرَّحمن بن إسحاق ومحمَّد بن عمرٍو: بالأبواء (فَرَدَّهُ (٢) عَلَيْهِ) ولأبي الوقت: «فردَّ عليه» بحذف ضمير المفعول، أي: ردَّ الحمار على الصَّعب، وقد اتَّفقت الرِّوايات كلُّها على أنَّه ردَّه عليه إلَّا ما رواه ابن وهبٍ والبيهقيُّ من طريقه بإسنادٍ حسنٍ من طريق عمرو بن أميَّة: أنَّ الصَّعب أهدى للنَّبيِّ عجز حمار وحشٍ، وهو بالجحفة، فأكل منه وأكل القوم، قال البيهقيُّ: إن كان هذا محفوظًا فلعلَّه ردَّ الحيَّ وقبل اللَّحم، قال الحافظ ابن حجرٍ: وفي هذا الجمع نظرٌ، فإن كانت الطُّرق كلُّها محفوظةً فلعلَّه ردَّه حيًّا لكونه صِيد لأجله، وردَّ اللَّحم تارةً لذلك، وقبله تارةً أخرى حيث علم أنَّه لم يُصَدْ لأجله، وقد قال الشَّافعيُّ: إن كان الصَّعب أهدى حمارًا (٣) حيًّا فليس للمحرم أن يذبح حمار وحشٍ حيًّا، وإن كان أهدى له لحمًا فقد يحتمل أن يكون علم أنَّه صِيد له، ونقل التِّرمذيُّ عن الشَّافعيِّ: أنَّه ردَّه لظنِّه أنَّه صِيد من أجله، فتركه على وجه التَّنزُّه، ويحتمل أن يحمل القبول المذكور في حديث عمرو بن أميَّة على وقتٍ آخر، وهو حال رجوعه من مكَّة، ويؤيِّده: أنَّه جازمٌ فيه بوقوع ذلك في الجحفة وفي غيرها من الرِّوايات بالأبواء أو بودَّان، وقال القرطبيُّ: جاز (٤) أن يكون الصَّعب أحضر الحمار مذبوحًا، ثمَّ قطع منه عضوًا بحضرة النَّبيِّ فقدَّمه له، فمن قال: أهدى حمارًا أراد ما قدَّمه بتمامه مذبوحًا لا حيًّا، ومن قال: لحم حمارٍ أراد ما قدَّمه للنَّبيِّ .

(فَلَمَّا (٥) رَأَى) (مَا فِي وَجْهِهِ) أي: وجه الصَّعب من الكراهة، لمَّا حصل له من الكسر في ردِّ هديَّته (قَالَ) تطييبًا لقلبه: (إِنَّا) بكسر الهمزة لوقوعها في الابتداء (لَمْ نَرُدَّهُ) بفتح الدَّال في «اليونينيَّة»، وهو رواية المحدِّثين، وذكره ثعلبٌ (٦) في «الفصيح»، لكن قال المحقِّقون


(١) في غير (س): «وعشرون»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٢) في (ب): «فردَّ»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٣) في (ب) و (س): «حمار وحشٍ».
(٤) في (د): «يحتمل»، و «جاز»: ليس في (م).
(٥) «فلمَّا»: سقط من (د).
(٦) زيد في (د): «بفتح الدَّال».

<<  <  ج: ص:  >  >>