للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من النُّحاة: إنَّه غلطٌ، والصَّواب: ضمُّ الدَّال كآخر المضاعف من كلِّ مضاعفٍ مجزومٍ اتِّصل به ضمير المُذكَّر مراعاةً للواو التي توجبها ضمَّة الهاء بعدها لخفاء الهاء، وكأنَّ ما قبلها وليه (١) الواو، ولا يكون ما قبل الواو إلَّا مضمومًا، كما فتحوها مع هاء المُؤنَّث نحو: «نردَّها» مراعاةً للألف، ولم يحفظ سيبويه في نحو هذا إلَّا الضَّمَّ، كما أفاده السَّمين، وصرَّح جماعةٌ منهم ابن الحاجب: بأنَّه مذهب البصريِّين، وجُوِّز الكسر أيضًا، وهو أضعفها، فصار فيها ثلاثة أوجهٍ، وللحَمُّويي والكُشْمِيْهَنِيِّ: «لم نردُدْهُ» بفكِّ الإدغام، فالدَّال الأولى: مضمومةٌ، والثَّانية: مجزومةٌ، وهو واضحٌ، والمعنى: أنَّا لم نردَّه (عَلَيْكَ) لعلَّةٍ من العلل (إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ) بفتح الهمزة وضمِّ الحاء والرَّاء، أي: إلَّا لأنَّا محرمون، زاد صالح بن كيسان عند النَّسائيِّ: «لا نأكل الصَّيد»، وفي رواية شعبة عن ابن عبَّاسٍ: «لولا أنَّا محرمون لقبلناه منك» وهذا يقتضي تحريم أكل المحرم لحم الصَّيد مطلقًا، سواءٌ صِيد له أو بأمره، وهو مذهبٌ نُقِل عن جماعةٍ من السَّلف؛ منهم: عليُّ بن أبي طالبٍ، وابن عبَّاسٍ، وابن عمر، والذي عليه أكثر علماء الصَّحابة والتَّابعين التَّفرقةُ بين ما صاده أو صِيد له حلالٌ (٢)، وأوَّلوا حديث الصَّعب بأنَّه إنَّما ردَّه عليه لما ظنَّ أنَّه صِيد من أجله، وبه يقع الجمع بين حديث الصَّعب وحديث جابرٍ: «لحم الصَّيد لكم في الإحرام حلالٌ ما لم تصيدوه أو يُصادَ (٣) لكم»، وحديث أبي قتادة السَّابق [خ¦١٨٢٤] ولا يُقال: إنَّه منسوخٌ بحديث الصَّعب؛ لأنَّ حديث أبي قتادة كان عام الحديبية، وحديث الصَّعب كان في حجَّة الوداع لأنَّا نقول: إنَّ النَّسخ إنَّما يُصار إليه إذا تعذَّر الجمع، كيف والحديث المتأخِّر محتملٌ لا دلالة فيه على الحرمة العامَّة صريحًا ولا ظاهرًا حتَّى يعارض الأوَّل فينسخه؟ وقول العلَّامة ابن الهمام في «فتح القدير»: أمَّا كون حديث الصَّعب كان في حجَّة الوداع فلم يثبت عندنا، وإنَّما ذكره الطَّبريُّ وبعضهم، ولم نعلم لهم فيه ثبتًا صحيحًا، وأمَّا حديث أبي قتادة فإنه وقع في «مسند عبد الرَّزَّاق» عنه: انطلقنا مع رسول الله عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أُحرِم،


(١) في غير (ب) و (س): «ولي».
(٢) في (ب) و (س): «وغيره».
(٣) في (د): «يُصَدْ».

<<  <  ج: ص:  >  >>