للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منصور بن المعتمر موصولًا، وخالفه الأعمش فرواه عن مجاهدٍ عن النَّبيِّ مرسلًا، أخرجه سعيد بن منصورٍ عن أبي معاوية عنه، وأخرجه أيضًا عن سفيان عن داود بن سابور مرسلًا، ومنصور ثقةٌ حافظٌ، فالحكم لوصله (يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ) سنة ثمانٍ من الهجرة، و «يومَ»: بالنَّصب، ظرفٌ لـ «قال»، ومقول قوله: (لَا هِجْرَةَ) واجبةٌ من مكَّة إلى المدينة بعد الفتح لأنَّها صارت دار إسلامٍ، زاد في «كتاب الجهاد»: والهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقيةٌ إلى يوم القيامة (١) (وَلَكِنْ) لكم (جِهَادٌ) في الكفَّار (وَنِيَّةٌ) صالحةٌ في الخير، تحصِّلون بهما الفضائل التي في معنى الهجرة التي كانت مفروضةً لمفارقة الفريق الباطل -فلا يكثر سوادهم- ولإعلاء كلمة الله وإظهار دينه، قال أبو عبد الله الأبيُّ: اختُلِف في أصول الفقه في مثل هذا التَّركيب: -يعني: قوله: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونيَّةٌ» - هل هو لنفي الحقيقة أو لنفي صفةٍ من صفاتها كالوجوب وغيره؟ فإن كان لنفي الوجوب فهو يدلُّ على وجوب الجهاد على الأعيان لأنَّ المُستدرَك هو النَّفي، والمنفيُّ وجوب الهجرة على الأعيان، فيكون المُستدرَك وجوب الجهاد على الأعيان، وعلى أنَّ المنفيَّ في هذا التَّركيب الحقيقة، فالمعنى: أنَّ الهجرة بعد الفتح ليست بهجرةٍ، وإنَّما المطلوب (٢) الجهاد الطَّلب الأعمَّ من كونه على الأعيان أو على الكفاية، قال: والمذهب أنَّ الجهاد اليوم فرض كفايةٍ إلَّا أن يعيِّن الإمام طائفةً فيكون عليها فرض عينٍ. انتهى. وقوله: «جهادٌ»: رفعُ مبتدأٍ، خبره محذوفٌ مُقدَّمًا، تقديره كما سبق: لكم جهادٌ، وقال الطِّيبيُّ في «شرح مشكاته»: قوله: «ولكن جهادٌ ونيَّةٌ» عُطِف على محلِّ مدخول «لا»، والمعنى: أنَّ الهجرة من الأوطان إمَّا هجرةٌ إلى المدينة للفرار من الكفَّار ونصرة الرَّسول ، وإمَّا إلى الجهاد في سبيل الله، وإمَّا إلى غير ذلك من تحصيل الفضائل كطلب العلم، فانقطعت الأولى وبقيت الأخريان، فاغتنمِوهما ولا تقاعدوا عنهما.

(وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا) بضمِّ التَّاء وكسر الفاء، «فانفِروا»: بهمزة وصلٍ مع كسر الفاء، أي: إذا دعاكم الإمام إلى الخروج إلى الغزو فاخرجوا إليه، وإذا علمتم ما ذكر (فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ


(١) أخذ المؤلف هذا من عمدة القاري ولفظه هناك: «وكذا جاء عن علي بن المديني في روايته عن جرير في كتاب الجهاد والهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام: باقية إلى يوم القيامة، ولم تبق هجرة من مكة بعد أن صارت دار الإسلام».
(٢) زيد في (د): «هو».

<<  <  ج: ص:  >  >>