(قَالَ) هِرَقْل: (فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟) نسب ابتداء القتال إليهم، ولم ينسبه إليه ﵊؛ لما اطّلع عليه من أنَّ النَّبيَّ ﷺ لا يبدأ قومه بالقتال حتَّى يقاتلوه، قال أبو سفيان:(قُلْتُ: نَعَمْ) قاتلناه (قَالَ) هِرَقْلُ: (فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟) بفصل ثاني الضَّميرين، والاختيار: ألَّا يجيء المنفصل إذا تأتَّى أن يجيء المتَّصل، وقِيلَ:«قتالكم إيَّاه» أفصح من «قتالكموه» باتِّصال الضَّمير فلذلك فَصَلَه، وصوَّبه العينيُّ تبعًا لنصِّ الزَّمخشريِّ، قال أبو سفيان:(قُلْتُ) وللأَصيليِّ: «قال»: (الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ) بكسر السِّين المُهملَة وبالجيم المُخفَّفة، أي: نُوَبٌ، نوبةٌ لنا ونوبةٌ له؛ كما قال:(يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ) أي: يُصيب منَّا ونُصيب منه، قال البلقينيُّ: هذه الكلمة فيها دَسيسةٌ أيضًا؛ لأنَّهم لم ينالوا منه ﷺ قطُّ، وغاية ما في غزوة أُحُدٍ أنَّ بعض المقاتلين قُتِلَ، وكانت العزَّة والنُّصرة للمؤمنين. انتهى، وتُعقِّب: بأنَّه قد وقعت المقاتلة بينه ﵊ وبينهم قبل هذه القصَّة في ثلاثة مَواطنَ: بدرٍ وأُحُدٍ والخندق، فأصاب المسلمون من المشركين في بدرٍ، وعكسه في أُحُدٍ، وأُصِيب من الطَّائفتين ناسٌ قليلٌ في الخندق، فصحَّ قول أبي سفيان: يُصيب منَّا ونُصيب منه، وحينئذٍ فلا دَسيسةَ هنا في كلام أبي سفيان كما لا يخفى، والجملة تفسيريَّةٌ لا محلَّ لها من الإعراب، قال في «المصابيح»: فإن قلت: فما يصنع الشَّلوبين القائل: بأنَّها في حكم مفسَّرها، إن كان ذا محلٍّ فهي كذلك، وإِلَّا فلا، وهي ههنا مفسِّرةٌ