للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للخبر، فيلزم أن تكون ذات محلٍّ، لكنَّها خاليةٌ من رابطٍ يربطها بالمُبتَدأ؟ قلت: نقدِّره، أي: ينال فيها منَّا، وننال فيها منه. انتهى، والسِّجالُ: مرفوعٌ خبرٌ للحرب، واستُشكِل جعلُه خبرًا لكونه جمعًا والمبتدأ مُفرَدًا، فلم تحصل المُطابَقة بينهما، وأُجِيب -كما في «الفتح» -: بأنَّ «الحرب» اسمُ جنسٍ، و «السِّجال» اسمُ جمعٍ، وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّ السِّجال ليس اسم جمعٍ، بل هو جمعٌ، وبينهما فرقٌ، وجوَّز أن يكون «سجالٌ» بمعنى: المُساجَلة، فلا يرد السُّؤال أصلًا، وفي قوله: «الحرب بيننا وبينه سجالٌ» تشبيهٌ بليغٌ، شبَّه الحرب بالسِّجال، مع حذف أداة التَّشبيه؛ لقصد المُبالَغة؛ كقولك: زيدٌ أسدٌ؛ إذا أردت به المُبالَغة في بيان شجاعته، فصار كأنَّه عين الأسد، وذكر السِّجال وأراد به النُّوَب؛ يعني: الحرب بيننا وبينه نُوَبٌ، نوبةٌ لنا ونوبةٌ له؛ كالمُسْتَقِيَيْنِ إذا كان بينهما دلوٌ، يستقي أحدهما دلوًا والآخر دلوًا.

(قَالَ) هِرَقْلُ: (مَا) بإسقاط الباء المُوحَّدة في «اليونينيَّة»، وهي مكشوطةٌ في الفرع، وفي بعض الأصول: «بما» وفي نسخةٍ: «فما» (ذَا يَأْمُرُكُمْ؟) أي: ما الذي يأمركم به؟ قال أبو سفيان: (قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) بالواو، وفي رواية المُستملي: «اعبدوا الله وَحْدَهُ (١) لا تشركوا به شيئًا» بحذف الواو، وحينئذٍ: فيكون تأكيدًا لقوله: «وحده» وهذه الجملة عطفٌ على «اعبدوا الله»، وهي من عطف المنفيِّ على المُثبَت، ومن عطف الخاصِّ على العامِّ؛ على حدِّ: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾ [القدر: ٤] فإنَّ عبادته تعالى أعمُّ من عدم الإشراك به (وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ) من عبادة الأصنام وغيرها، ممَّا كانوا عليه في الجاهليَّة (وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ) المعهودة، المُفتَتَحَة بالتَّكبير المُخْتَتَمة بالتَّسليم، وفي نسخةٍ ممَّا في «اليونينيَّة» بزيادة: «والزَّكاة» (وَالصِّدْقِ) وهو القول المطابق للواقع، وفي روايةٍ للمؤلِّف: «بالصَّدقة» [خ¦٢٩٤١] بدل «الصِّدق» ورجَّحها الإمام البلقينيُّ، قال الحافظ ابن حجرٍ: ويقوِّيها رواية المؤلِّف في «التَّفسير»:


(١) في كل الأصول دون قوله: «وحده»، ووجودها يدل عليه السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>