للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«والزكاة» [خ¦٤٥٥٣] وقد ثبت عنده من رواية أبي ذَرٍّ عن شيخه الكُشْمِيهَنيِّ والسَّرخسيِّ اللَّفظان: «الصِّدق» و «الصَّدقة» (وَالعَفَافِ) بفتح العين، أي: الكفِّ عن المحارم وخوارم المروءة (وَالصِّلَةِ) للأرحام، وهي كلُّ ذي رحمٍ محرمٍ، مَن لا تحلُّ مناكحته لو فُرِضَتِ الأنوثة مع الذُّكورة، أو كلُّ ذي قرابةٍ. والصَّحيح: عمومه في كلِّ ما أمر الله به أن يُوصَل؛ كالصَّدقة والبرِّ والإنعام، قال في «التَّوضيح»: من تأمَّل ما استقرأه (١) هِرَقْلُ من هذه الأوصاف تبيَّن له حسن ما استوصف من أمره، واستبرأه من حاله، ولله دَرُّهُ من رجلٍ ما كان أعقلَه لو ساعدتْه المقادير بتخليد (٢) ملكه والأتباع (فَقَالَ) هِرَقْلُ (لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ) أي: لأبي سفيانَ: (سَأَلْتُكَ عَنْ) رتبة (نَسَبِهِ) فيكم، أهو شريفٌ أم لا؟ (فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو) أي: صاحبُ (نَسَبٍ) شريفٍ عظيمٍ (فَكَذَلِكَ) بالفاء، وللأربعة بالواو: «وكذلك» (الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي) أشرف (نَسَبِ قَوْمِهَا) جزم به هِرَقْلُ لِمَا تقرَّر عنده في الكتب السَّالفة (وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ) ولأبي ذَرٍّ كما قال في الفرع كأصله: «وسألتك: قال أحدٌ» (مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ؟) زاد في نسخةٍ: «قبله» (فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ:) أي: في نفسي، وأطلق على حديث النَّفس قولًا (لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ؛ لَقُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ) «يأْتَسِي» بهمزةٍ ساكنةٍ بعدها مُثنَّاةٌ فوقيَّةٌ مفتوحةٌ وسينٌ مُهملَةٌ مكسورةٌ، أي: يقتدي ويتَّبع، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «يتأسَّى» بتقديم المُثنَّاة الفوقيَّة على الهمزة المفتوحة وفتح السِّين المُشدَّدة (وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: «مَن مَلَكَ» بفتح الميمين (فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ) وللأَصيليِّ وابن عساكرَ وأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «فقلت» (فَلَوْ) ولأبي الوقت: «لو» (كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ) فإن قلت: لِمَ قال: «ملك أبيه» بالإفراد؟ أُجِيب: ليكون أعذرَ في طلب الملك، بخلاف ما لو قال: ملك آبائه، أو المراد بالأب ما هو أعمُّ من حقيقته ومجازه، نعم؛ في «سورة آل عمران»: «آبائه» [خ¦٤٥٥٣] بالجمع، فإن قلت: لِمَ قال هِرَقْلُ: «فقلت» في هذين الموضعين؛ وهما: هل قال هذا القول أحدٌ منكم؟ وهل كان من آبائه من ملكٍ؟ أُجِيب: بأنَّ هذين المقامين مقاما فِكرٍ ونَظرٍ، بخلاف غيرهما من الأسئلة فإنَّها مقام نقلٍ.


(١) في (د): «استقصاه».
(٢) في (د): «بتخلية».

<<  <  ج: ص:  >  >>