للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّرعيِّ، وكالمَحْرَم عبدُها الأمين، صرَّح به المرعشيُّ وابن أبي الصَّيف، والمَحْرَم أيضًا عامٌّ، فيشمل محرم النَّسب -كأبيها وابنها وأخيها- ومحرم الرَّضاع، ومحرم المصاهرة- كأبي زوجها، وابن زوجها- واستثنى بعضهم -وهو منقولٌ عن مالكٍ- ابن الزَّوج، فقال: يُكرَه سفرها معه لغلبة الفساد في النَّاس بعد العصر الأوَّل، ولأنَّ كثيرًا من النَّاس لا ينزِّل زوجة الأب في النَّفرة عنها منزلة (١) محارم النَّسب، والمرأة فتنةٌ إلَّا فيما جبل الله النُّفوس عليه من النَّفرة عن محارم النَّسب، قال ابن دقيق العيد: والحديث عامٌّ، فإن عنى بالكراهة التَّحريم فهو مخالفٌ لظاهر الحديث، وإن عنى كراهة التَّنزيه فهو أقرب، واختلفوا: هل المحرم وما ذكر معه شرطٌ في وجوب الحجِّ عليها، أو شرطٌ في التَّمكُّن فلا يمنع الوجوب والاستقرار في الذِّمَّة؟ والذين ذهبوا إلى الأوَّل استدلُّوا بهذا الحديث، فإنَّ سفرها للحجِّ من جملة الأسفار الدَّاخلة تحت الحديث فتمتنع (٢) إلَّا مع المحرم، والذين قالوا بالثَّاني جوَّزوا سفرها مع رفقةٍ مأمونين إلى الحجِّ رجالًا أو نساءً -كما مرَّ- وهو مذهب الشَّافعيَّة والمالكيَّة، والأوَّل مذهب الحنفيَّة والحنابلة.

قال الشَّيخ تقيُّ الدِّين: وهذه المسألة تتعلَّق بالنَّصين إذا تعارضا وكان كلٌّ (٣) منهما عامًّا من وجهٍ، خاصًا من وجهٍ، فإنَّ قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: ٩٧] يدخل تحته الرِّجال والنِّساء، فيقتضي ذلك أنَّه إذا وُجِدت الاستطاعة المُتفَّق عليها أن يجب عليها الحجُّ، وقوله : «لا يحلُّ لامرأةٍ … » الحديثَ خاصٌّ بالنِّساء، عامٌّ في الأسفار (٤) فيدخل فيه الحجُّ، فمن أخرجه عنه خصَّ الحديث بعموم الآية، ومن أدخله فيه خصَّ الآية بعموم الحديث (٥)، فإذا قيل به وأُخرِج عنه لفظ الحجِّ لقوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى


(١) في (د): «بمنزلة».
(٢) في (د): «فيمنتع».
(٣) زيد في (د): «واحدٍ».
(٤) زيد في (د): «عامٌّ في كلِّ سفرٍ».
(٥) قوله: «فيدخل فيه الحجُّ، فمن أخرجه عنه … خصَّ الآية بعموم الحديث»، ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>