للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القصَّة: فدعا التَّرجمان الذي يقرأ بالعربيَّة فقرأه (فَإِذَا فِيهِ: بسم الله الرحمن الرحيم) فيه استحباب تصدير الكتب بالبسملة وإن كان المبعوث إليه كافرًا، فإن قلت: قد قدَّم سليمانُ اسمه على البسملة، أُجِيب: بأنَّه إنَّما ابتدأ الكتاب بالبسملة، وكتب اسمه عنوانًا بعد ختمه؛ لأنَّ بلقيس إنَّما عرفت كونه من سليمان بقراءة عنوانه كما هو المعهود؛ ولذلك قالت: ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ (١) وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] فالتَّقديم واقعٌ على حكاية الحال (مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ) وَصَفَ نفسَه الشَّريفةَ بالعبوديَّة؛ تعريضًا لبطلان قول النَّصارى في المسيح: إنَّه ابنُ الله، تعالى الله عن ذلك؛ لأنَّ الرُّسل مستوون في أنَّهم عباد الله، وللأَصيليِّ وابن عساكرَ: «من محمَّد بن عبد الله رسول الله» (إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ) أهل (الرُّومِ) أي: المُعظَّم (٢) عندهم، ووصفه بذلك لمصلحة التَّأليف، ولم يصفه بالإمرة ولا المُلْك لكونه معزولًا بحكم الإسلام، وقوله: «عظيم» بالجرِّ بدلٌ من سابقه، ويجوز الرَّفع على القطع والنَّصب على الاختصاص، وذكر المدائنيُّ: أنَّ القارئ لمَّا قرأ: «من محمَّدٍ رسولِ الله» غضب ابن أخي هِرَقْلَ، واجتذب الكتاب، فقال له هِرَقْلُ: مَا لَكَ؟ فقال: إنَّه بدأ بنفسه، وسمَّاك صاحب الرُّوم، فقال: إنَّك لَضعيفُ الرَّأي، أتريد أن أرميَ بكتابٍ قبل أنْ أَعْلَمَ ما فيه؟ لئن كان رسولَ الله إنَّه لَأَحَقُّ أن يبدأ بنفسه، ولقد صَدَقَ أنا صاحب الرُّوم، واللهُ مالكي ومالِكُه (سَلَامٌ) بالتَّنكير، وعند المؤلِّف في «الاستئذان»: «السَّلام» [خ¦٦٢٦٠] (عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى) أي: الرَّشاد، على حدِّ قول موسى وهارون لفرعون: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ [طه: ٤٧] والظَّاهر أنَّه من جملة ما أُمِرَا به أن يقولاه؛ ومعناه: سَلِمَ من عذاب الله مَنْ أَسْلَمَ،


(١) ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ﴾: ليس في (ص).
(٢) في (ص): «العظيم».

<<  <  ج: ص:  >  >>