للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للدُّخول في الإسلام، والثَّاني للدَّوام عليه، على حدِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ﴾ [النساء: ١٣٦] قاله في «الفتح»، وعُورِض: بأنَّ الآية في حقِّ المنافقين، أي: يا أيُّها الذين آمَنوا نِفَاقًا آمِنوا إخلاصًا، وأُجِيب: بأنَّه قول مجاهدٍ. وقال ابن عبَّاسٍ: في مؤمنِي أهل الكتاب، وقال جماعةٌ من المفسِّرين: خطابٌ للمؤمنين، وتأويل ﴿آمِنُواْ بِاللّهِ﴾: أقيموا أو دُومُوا واثبتوا على إيمانكم (فَإِنْ تَوَلَّيْتَ) أي: أعرضت عن الإسلام (فَإِنَّ عَلَيْكَ) مع إثمك (إِثْمَ اليَرِيْسِيْنَ) بمُثنَّاتين تحتيَّتين: الأولى مفتوحةٌ والثَّانية ساكنةٌ بينهما راءٌ مكسورةٌ ثمَّ سينٌ مكسورةٌ ثمَّ مثنَّاةٌ تحتيَّةٌ ساكنةٌ ثمَّ نونٌ، جمع يَرِيْسٍ؛ على وزن كَرِيمٍ، وفي روايةٍ: «الأريسين» بقلب المُثنَّاة الأولى همزةً، وفي أخرى: «اليريسيِّين» بتشديد الياء بعد السِّين، جمع: يريسيٍّ، وهي التي في الفرع كأصله عن الأربعة، والرَّابعة وهي للأَصيليِّ كما في «اليونينيَّة»: «الأريسيِّين» بتشديد الياء بعد السِّين كذلك، إلَّا أنَّه بالهمزة في أوَّله موضع الياء؛ والمعنى: أنَّه إذا كان عليه إثمُ الأتباعِ بسبب اتِّباعهم له على استمرار الكفر فَلَأنْ يكون عليه إثمُ نفسه أَوْلَى، فإن قلت: هذا مُعَارَضٌ بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] أُجِيب: بأنَّ وزر الإثم لا يتحمَّله غيره، ولكنَّ الفاعل المتسبِّب والمتلبِّس بالسَّيِّئات يتحمَّل من جهتين: جِهة فعله، وجِهة تسبُّبه. والأريسيُّون: الأكَّارون، أي: الفلَّاحون والزَّرَّاعون، أي: عليك إثم رعاياك الذين يتَّبعونك وينقادون لأمرك، ونبَّه بهم على جميع الرَّعايا لأنَّهم الأغلب في رعاياه، وأسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا، وقال أبو عبيدٍ: المراد بالفلَّاحين أهل مملكته؛ لأنَّ كلَّ مَنْ كان يزرع فهو عند العرب فلَّاحٌ، سواءٌ كان يلي ذلك بنفسه أم بغيره، وعند كُرَاعٍ: هم الأمراء (١)، وعند اللَّيث: هم (٢) العشَّارون؛ يعني: أهل المَكْس، وعند أبي عبيدة: الخدم والخَوَل؛ يعني: لصدِّه إيَّاهم عن الدِّين؛ كما قال تعالى:


(١) في (ب) و (س): «الأجراء»، وهو تحريفٌ.
(٢) «هم»: مثبتٌ من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>