للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: «هو ذاك» (﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾) عن التَّوحيد (﴿فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤]) أي: لزمتكم الحجَّة، فاعترِفوا بأنَّا مسلمون دونكم، أو اعترِفوا بأنَّكم كافرون بما نطقت به الكتب وتطابقت عليه الرُّسل صلوات الله عليهم وسلامه، وقد قِيلَ: إنَّه كتب ذلك قبل نزول الآية، فوافق لفظُه لفظَها لمَّا نزلت؛ لأنَّها نزلت في وفد نجرانَ سنة الوفود سنة تسعٍ، وقصَّة أبي سفيان قبل ذلك سنة ستٍّ، وقِيل: بل نزلت في اليهود، وجوَّز بعضهم نزولها مرَّتين، وقِيل -فيما حكاه السُّهيليُّ-: إنَّ هِرَقْلَ وضع هذا الكتاب في قصبةٍ من ذهبٍ تعظيمًا له، وإنَّهم لم يزالوا يتوارثونه كابرًا عن كابرٍ في أعزِّ مكانٍ، وحُكِيَ: أنَّ ملك الفرنج في دولة الملك المنصور قلاوون الصَّالحيِّ أخرج لسيف الدِّين قَلِج (١) صندوقًا مصفحًا بالذَّهب، واستخرج منه مقلمةً من ذهبٍ، فأخرج منها كتابًا زالت أكثر حروفه، فقال: هذا كتاب نبيِّكم إلى جدِّي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا أنَّه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يَزَال المُلكُ فينا، فنحن نحفظه.

(قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ) هِرْقَلُ (مَا قَالَ) أي: الذي قاله في السُّؤال والجواب (وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ) النَّبويِّ (كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ) بالصَّاد المُهملَة والخاء المُعجَمة المفتوحتين، أي: اللَّغط، كما في «مسلمٍ»؛ وهو اختلاط الأصوات في المُخاصَمة (وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ) بذلك (وَأُخْرِجْنَا) بضمِّ الهمزة وكسر الرَّاء (فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا) وعند المؤلِّف في «الجهاد» [خ¦٢٩٤١]: «حين خلوت بهم: والله» (لَقَدْ أَمِرَ) بفتح أوَّله مقصورًا وكسر ثانيه، أي: كَبُرَ (٢) وعَظُمَ (أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ) بسكون الميم، أي: شأنه، و «كَبْشَة» بفتح الكاف وسكون المُوحَّدة، قال ابن جنِّيٍّ: اسمٌ مُرتَجلٌ، ليس بمؤنَّثِ الكبش؛ لأنَّ مؤنَّثَ الكبشِ من غير


(١) في (د): «فليح»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (ص): «كثر».

<<  <  ج: ص:  >  >>