للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ببندارٍ قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) بضمِّ الغين المعجمة وفتح المهملة آخره راءٌ محمَّد بن جعفرٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عِيسَى) الأنصاريَّ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ زيادة: «ابن أبي ليلى» وهو ثقةٌ، لكن فيه تشيُّعٌ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ سَالِمٍ) هو من رواية الزُّهريِّ عن سالمٍ، فهو موصولٌ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) والد سالمٍ ( قَالَا) أي: عائشة وابن عمر: (لَمْ يُرَخَّصْ) بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه المُشدَّد مبنيًّا للمفعول، ولم يضيفاه إلى الزَّمن النَّبويِّ، فهو موقوفٌ كما جزم به ابن الصَّلاح في نحوه ممَّا لم يُضَف، والمعنى حينئذٍ: لم يُرخِّص من له مقام الفتوى في الجملة، لكن جعله الحاكم أبو عبد الله من المرفوع، قال النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب»: وهو القويُّ؛ يعني: من حيث المعنى، وهو ظاهر استعمال كثيرٍ من المحدِّثين وأصحابنا في كتب الفقه، واعتمده الشَّيخان في «صحيحيهما»، وأكثر منه البخاريُّ، وقال التَّاج بن السُّبكيِّ: إنَّه الأظهر، وإليه ذهب الإمام فخر الدِّين، وقال ابن الصَّبَّاغ في «العدَّة»: إنَّه الظَّاهر، والمعنى هنا: لم يرخِّص النَّبيُّ (فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وهي الأيَّام الثَّلاثة التي بعد يوم النَّحر (أَنْ يُصَمْنَ) أي: يُصام فيهنَّ، فحذف الجارَّ وأوصل الفعل إلى الضَّمير؛ ولذا بعث النَّبيُّ من ينادي: «إنَّها أيَّام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله ﷿، فلا يصومنَّ أحدٌ» رواه أصحاب «السُّنن»، وروى أبو داود عن عقبة بن عامرٍ مرفوعًا: «يوم عرفة ويوم النَّحر وأيَّام التَّشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيَّام أكلٍ وشربٍ»، وفي حديث عمرو بن العاصي عند أبي داود، وصحَّحه ابن خزيمة والحاكم أنَّه قال لابنه عبد الله في أيَّام التَّشريق: «إنَّها الأيَّام التي نهى رسول الله عن صومهنَّ وأمر بفطرهنَّ»، وقد قال الطَّحاويُّ بعد أن أخرج أحاديث النَّهي عن ستَّة عشر صحابيًّا: فلمَّا ثبت بهذه الأحاديث عن رسول الله النَّهيُ عن صيام أيَّام (١) التَّشريق، وكان نهيه عن ذلك بمنًى، والحاجُّ مقيمون بها، وفيهم المتمتِّعون والقارنون ولم يستثن منهم متمتِّعًا ولا قارنًا؛ دخل المتمتِّعون والقارنون (٢) في ذلك. انتهى.

وفي النَّهي عن صيام هذه الأيَّام والأمر بالأكل والشُّرب سرٌّ حسنٌ؛ وهو أنَّ الله تعالى لمَّا علم ما يلاقي الوافدون إلى بيته من مشاقِّ السَّفر وتعب الإحرام وجهاد النُّفوس على قضاء المناسك


(١) «أيَّام»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) قوله: «ولم يستثن منهم متمتِّعًا ولا قارنًا؛ دخل المتمتِّعون والقارنون» ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>