للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: «إنَّ الماء طهورٌ لا ينجِّسه شيء» أي: ممَّا ذُكِر وغيره، وقيل: ممَّا ذُكِر، وهو ساكتٌ عن غيره، ثمَّ إنَّ صورة السَّبب التي ورد عليها العامُّ قطعيَّةَ الدُّخول فيه عند الأكثر من العلماء لوروده فيها، فلا يخصُّ منه بالاجتهاد، وقال الشَّيخ تقيُّ الدِّين السُّبكيُّ: وهذا عندي ينبغي أن يكون إذا دلَّت قرائنُ حاليَّة أو مقاليَّة على ذلك أو على أنَّ اللَّفظ العامَّ يشمله بطريقٍ [الوضع] (١) لا محالة وإلَّا فقد ينازع الخصم في دخوله وضعًا (٢) تحت اللَّفظ العامِّ، ويدَّعي أنَّه قد يقصد المتكلِّمُ بالعام إخراجَ السَّبب وبيان أنَّه ليس داخلًا في الحكم، فإنَّ للحنفيَّة (٣) -القائلين: إنَّ ولدَ الأمةِ المستفرشة لا يَلْحَق سيِّدها ما لم يقرَّ به؛ نظرًا إلى أنَّ الأصل في اللَّحاق الإقرار- أن يقولوا في قوله : «الولد للفراش»: وإن كان واردًا في أمةٍ فهو واردٌ لبيان حكم ذلك الولد، وبيان حكمه إمَّا بالثُّبوت أو بالانتفاء، فإذا ثبت أنَّ الفراش هي الزَّوجة؛ لأنَّها هي التي يُتَّخذ لها الفراش غالبًا، وقال: «الولد للفراش» كان فيه حصرُ أنَّ الولد للحرَّة، وبمقتضى ذلك لا يكون للأمة، فكان فيه بيان الحكمين جميعًا: نفي السَّبب عن المسبَّب (٤) وإثباته لغيره، ولا يليق دعوى القطع ههنا، وذلك من جهة اللَّفظ، وهذا في الحقيقة نزاعٌ في أنَّ اسم الفراش هل هو موضوع للحرَّة والأمة الموطوءة أو للحرَّة فقط؟ فالحنفيَّة يدَّعون الثَّاني، فلا عموم عندهم له في الأمة، فتخرج المسألة حينئذٍ من باب أنَّ العبرة بعموم اللَّفظ أو بخصوص السَّبب، نعم قوله في هذا الحديث: «هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر» بهذا التَّركيب يقتضي أنَّه ألحقه به على حكم السَّبب، فيلزم أن يكون مرادًا من قوله: «للفراش» فليُتَنَبَّه لهذا البحث فإنَّه نفيسٌ جدًّا، وبالجملة فهذا الحديث أصلٌ في إلحاق الولد بصاحب الفراش وإن طرأ عليه وطءٌ محرَّمٌ. (وَلِلْعَاهِرِ) أي: الزَّاني (الحَجَرُ) أي: الخَيبة، ولا حقَّ له في الولد، والعرب تقول في حرمان الشَّخص: له الحَجَر وله التُّراب، وقيل: هو على ظاهره، أي: الرَّجم بالحجارة، وضُعِّفَ بأنَّه ليس كل زانٍ يُرْجَم، بل المحصن، وأيضًا فلا يلزم من رجمه نفي


(١) قوله: «الوضع» من «فتاوى السبكي» (١/ ٤٤).
(٢) في (م): «وصفا».
(٣) في (ل): «فإنَّ الحنفيَّة».
(٤) في (د) و (ص): «نفي النَّسب عن السَّبب».

<<  <  ج: ص:  >  >>