للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و «لا» في قوله: «لا إله إلَّا الله» هي النَّافية للجنس، و «إله» اسمها مُركَّبٌ معها تركيبَ مَزْجٍ كأحدَ عَشَرَ، وفَتْحَتُه فتحةُ بناءٍ، وعند الزَّجَّاج: فتحةُ إعرابٍ؛ لأنَّه عنده منصوبٌ بها لفظًا، وخبرُها محذوفٌ اتِّفاقًا، تقديره: موجودٌ، و «إلَّا» حرف استثناءٍ، و «الاسم الكريم» مرفوعٌ على البدليَّة من الضَّمير المستتر في الخبر، وقِيل: مرفوعٌ على الخبريَّة لقوله: «لا»، وعليه جماعةٌ، وفي هذه المسألة مباحثُ ضربتُ عليها (١) بعد أن أَثْبَتُّها خوفَ الإطالة، ثمَّ إنَّ مثل هذا التَّركيب عند علماء المعاني يفيد القصر، وهو في هذه الكلمة من باب قصر الصِّفة على الموصوف، لا العكس، فإنَّ «إلهَ» في معنى الوصف، فإن قلت: لِمَ قُدِّمَ النَّفيُ على الإثبات؟ فقِيلَ: لا إله إلَّا الله، ولم يُقَلْ: الله لا إله (٢) إلَّا هو؛ بتقديم الإثبات على النَّفي؟ أُجِيب: بأنَّه إذا نفى أن يكون ثَمَّ إلهٌ غير الله؛ فقد فرَّغ قلبه ممَّا سوى الله تعالى بلسانه ليواطئ القلب، وليس مشغولًا بشيءٍ سوى الله تعالى، فيكون نفي الشَّريك عن الله تعالى بالجوارح الظَّاهرة والباطنة، ووجه الحصر في الخمسة: أنَّ العبادة؛ إمَّا قوليَّةٌ أو غيرها، الأولى: الشَّهادتان، والثَّانية: إمَّا تَرْكيَّةٌ أو فعليَّةٌ؛ الأولى: الصَّوم، والثَّانية: إمَّا بدنيَّةٌ أو ماليَّةٌ؛ الأولى: الصَّلاة، والثَّانية: الزَّكاة، أو مُركَّبةٌ منهما؛ وهي الحجُّ، وقد وقع ذكره مقدَّمًا على الصَّوم، وعليه بنى المصنِّف ترتيب (٣) جامعه هذا، لكن عند مسلمٍ من رواية سعد (٤) بن عبيدة عن ابن عمر تأخير (٥) الصَّوم عن الحجِّ، فقال رجلٌ -وهو يزيد بن بشرٍ السَّكسكيُّ-: والحجُّ وصوم رمضان، فقال ابن عمر: «لا، صيام رمضان والحجُّ» هكذا سمعته من رسول الله ، فيحتمل أن يكون حنظلة رواه هنا بالمعنى لكونه لم يسمع رَدّ ابن عمر على يزيد، أو سمعه ونسيه. نعم؛ رواه ابن عمر في «مسلم» من أربع


(١) في (م): «أضربت عنها».
(٢) في (ص): «واحد».
(٣) في (ص): «تركيب».
(٤) في (ص): «سعيد»، وهو تحريفٌ.
(٥) كذا، وفي الفتح: «تقديم» وكذا الرواية في مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>