للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإثبات التَّوحيد (بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا) أي: بكلمة التَّوحيد (أَعْيُنًا عُمْيًا) بضمِّ العين وسكون الميم: صفةٌ لـ «أعينٍ»، ولا تَنافيَ بين هذا وبين قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ﴾ [النمل: ٨١] لأنَّه دلَّ إيلاء الفاعل (١) المعنويِّ حرفَ النَّفي على أنَّ الكلام في الفاعل، وذلك أنَّه تعالى نزَّله -لحرصه على إيمان القوم- منزلةَ من يدَّعي استقلاله بالهداية، فقال له: أنت لست بمستقلٍّ (٢) فيه، بل إنَّك لَتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ بإذن الله تعالى وتيسيره، وعلى هذا فـ «يفتحُ» معطوفٌ على قوله: «يقيم» أي: يقيم الله تعالى بواسطته الملَّة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلَّا الله، ويفتح بواسطة هذه الكلمة أعينًا عميًا (وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا) بضمِّ الغين وسكون اللَّام، صفةٌ لـ «قلوبًا»، و «صمًّا» لـ «آذانًا»، ولأبي ذرٍّ: «ويُفتَح» بضمِّ أوَّله مبنيًّا للمفعول «بها أعينٌ عميٌ، وآذانٌ صُمٌّ، وقلوبٌ غلفٌ» بالرَّفع على ما لا يخفى.

(تَابَعَهُ) أي: تابع فليحًا (عَبْدُ العَزِيزِ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ هِلَالٍ) هو ابن عليٍّ، وهذه المتابعة وصلها في «سورة الفتح» [خ¦٤٨٣٨] (وَقَالَ سَعِيدٌ) هو ابن أبي هلالٍ، ممَّا وصله الدَّارميُّ في «مسنده»، ويعقوب بن سفيان في «تاريخه»، والطَّبرانيُّ جميعًا بإسنادٍ واحدٍ (عَنْ هِلَالٍ) المذكور في سند الحديث (عَنْ عَطَاءٍ) هو ابن يسارٍ (عَنِ ابْنِ سَلَامٍ) -بتخفيف اللَّام- عبد الله الصَّحابيِّ، وقد خالف سعيدٌ هذا عبدَ العزيز وفليحًا في تعيين الصَّحابيِّ، قال الحافظ ابن حجرٍ: ولا مانع أن يكون عطاء بن يسارٍ حمله عن كلٍّ منهما، فقد أخرجه ابن سعدٍ من طريق زيد بن أسلم قال: بلغنا أنَّ عبد الله بن سلامٍ كان يقول … فذكره، وسأذكر لرواية عبد الله بن سلامٍ متابعاتٍ في «تفسير سورة الفتح». انتهى. قلت: ولم أجد ما وعد به من المتابعات في «سورة الفتح»، ولعلَّه سها عن ذكر ذلك كغيره في كثيرٍ من الحوالات، نعم وُجِد بخطِّه في «تفسير سورة الفتح» تُنظَر الفرجة، ولم توجد غير فرجةٍ ليس فيها كتابةٌ، فلعلَّه أراد أن يكتب فيها ما وعد به أو غيره. (غُلْفٌ) بضمِّ الغين وسكون اللَّام: (كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلَافٍ)، ويُقال: (سَيْفٌ أَغْلَفُ) إذا كان في غلافٍ (وَ) كذا يُقال: (قَوْسٌ غَلْفَاءُ) إذا كانت في غلافٍ، كالجَعْبَة ونحوها (وَ) كذا (رَجُلٌ


(١) زيد في (د ١) و (ص): «على»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (د): «بمستبدٍّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>