للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ) أي: يشتري رُطَبها من الموهوب له (بِتَمْرٍ) يابسٍ، ولا يجوز لغيره ذلك، ومثله قول أبي حنيفة : العريَّة: أن يهبه نخلةً، ويشقَّ عليه تردُّد الموهوب له إلى بستانه، ويكره أن يرجع في هبته، وهذا بناءً على مذهبه في أنَّ الواهب الأجنبيَّ يرجع في هبته متى شاء، لكن يُكرَه، فيدفع إليه بدلها تمرًا، ويكون هذا في معنى البيع، لا أنَّه بيعٌ حقيقةً، وكلا القولين بعيدٌ عن لفظ الحديث؛ لأنَّ لفظ إرخاص العريَّة فيها عامٌّ، وهما يقيِّدانها بصورةٍ، وأيضًا فقد صرَّح بلفظ «البيع»، فنفيُ كونها (١) بيعًا مخالفٌ لظاهر اللَّفظ، وأيضًا الرُّخصة قُيِّدَت بخمسة أوسقٍ أو ما دونها، والهبة لا تتقيَّد. (وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ) الإمام أبو عبد الله محمَّد الشافعيُّ، وجزم به المِزِّيُّ (٢) في «التَّهذيب»، أو هو عبد الله بن إدريس الأوديُّ، ورجَّحه السَّفاقسيُّ، وتردَّد ابن بطَّالٍ ثمَّ السُّبكيُّ في «شرح المهذَّب»: (العَرِيَّةُ) بالتَّشديد (لَا تَكُونُ إِلَّا بِالكَيْلِ) أي: فيما دون خمسة أوسقٍ (مِنَ التَّمْرِ) لتُعلَم المساواة (يَدًا بِيَدٍ) قبل التَّفرُّق، لكن قبض الرُّطب على النَّخل بالتَّخلية، وقبض التَّمر بالنَّقل كغيره (لَا يَكُونُ بِالجِزَافِ) بكسر الجيم في الفرع وأصله (٣)، فيسلِّم المشتري التَّمر اليابس بالكيل، ويُخلِّي بينه وبين النَّخل، وعبارةُ الشَّافعيِّ في «الأمِّ» ونقلها عنه البيهقيُّ في «المعرفة» من طريق الرَّبيع عنه: العرايا أن يشتري الرَّجل ثمر النَّخلة وأكثر بخرصه من التَّمر بأن يَخْرِصَ الرُّطبَ، ثمَّ يُقدِّر كم ينقص إذا يبس؟ ثم يشتري


(١) في (ب) و (د ١) و (س): «كونه».
(٢) في (ب): «المزنيُّ»، وهو تحريفٌ.
(٣) «وأصله»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>