للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان عام حُنينٍ، التَّابعيُّ الكبير من حيث الرِّواية، المُتوفَّى سنة ثمانين (أَنَّ عُبَادَةَ) بضمِّ العين (بْنَ الصَّامِتِ) بن قيسٍ الأنصاريَّ الخزرجيَّ، المُتوفَّى بالرَّملة سنة أربعٍ وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنةً، وقِيلَ (١): في خلافة معاوية سنة خمسٍ وأربعين، وله في «البخاريِّ» تسعةُ أحاديثَ (، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا) أي: وقعتها، فالنَّصب بقوله: شهد، وليس مفعولًا فيه (وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ) جمع نقيبٍ؛ وهو النَّاظر على القوم وضمينهم وعريفهم، وكانوا اثني عشر رجلًا (لَيْلَةَ العَقَبَةِ) بمنًى، أي: فيها، والواو في «وهو» كواو «وكان»؛ هي الدَّاخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لصوق الصِّفة بالموصوف، وإفادة أنَّ اتِّصافه بها أمرٌ ثابتٌ، ولا ريبَ أنَّ كون شهود عُبَادةَ بدرًا وكونه من النُّقباء صفتان من صفاته، ولا يجوز أن تكون الواوان للحال، ولا للعطف، قاله العينيُّ، وهذا ذكره ابن هشامٍ في «مُغْنيه» حاكيًا له عن الزَّمخشريِّ في «كشَّافه»، وعبارته في تفسير قوله تعالى في سورة الحجر: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ [الحجر: ٤]: جملةٌ واقعةٌ صفةً لـ ﴿قَرْيَةٍ﴾ والقياس أنَّه لا تتوسَّط الواو بينهما؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] وإنَّما توسَّطت الواو (٢) لتأكيد لصوق الصِّفة بالموصوف؛ كما يُقال في الحال: جاءني زيدٌ عليه ثوبٌ، وجاءني وعليه ثوبٌ. انتهى. وتعقَّبه ابن مالكٍ في «شرح تسهيله»: بأنَّ ما ذَهَبَ إليه من توسُّط الواو بين الصِّفة والموصوف فاسدٌ؛ لأنَّ مذهبه في هذه المسألة لا يُعرَف من البصريِّين ولا من الكوفيِّين معوِّلٌ عليه، فوجب ألَّا يُلتفَت إليه، وأيضًا: فلأنَّه مُعلَّلٌ بما لا يُناسب؛ وذلك لأنَّ الواو تدلُّ على الجمع بين ما قبلها وما بعدها، وذلك مُستلزِمٌ لتغايرهما، وهو ضدٌّ لِمَا يُرَاد من التَّأكيد، فلا يصحُّ أن يُقَال للعاطف: مُؤكِّدٌ، وأيضًا: لو


(١) في (ص): «وقتل»، وهو تصحيفٌ.
(٢) في (ص): «جِيءَ بها».

<<  <  ج: ص:  >  >>